اول من قال بإنقطاع ولد خالد بن الوليد هو ابن زبالة عبد بني مخزوم وهو كذاب عند اهل الحديث .
ونقل عنه المصعب بن عبدالله بن المصعب بن الزبير المولود سنة 156هـ
والمتوفي سنة 236هـ . حيث قال ( إنقرض ولد خالد بن الوليد وأنه لم يبقى منهم أحد وأنه ورث
دارهم بالمدينه أيوب بن سلمه ( نسب قريش ص 328 )
وكان ممن أستعمل رواياته في الأنساب إبن أخيه الزبير بن أبي بكار المسمى بكار بن عبدالله بن
مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير الذي ألف كتاباً في الأنساب بعنوان كتاب عمه ( نسب
قريش وأخبارهم ) .
وجاء بعد هؤلاء آخرون مثل الحمداني الذي نقل عنه القلقشندي (نهاية الأرب) هذا القول وإدعى
الإجماع من النسابين عليه ، ولكنه قال في الرواية الأخرى عنه
( وخالد عرب حمص و
خالد من عرب الحجاز يدعون أنهم من عقبه – ثم قال الحمداني – ولعلهم من سواهم من بني
مخزوم فهم أكثر قريش بقيه وأشرفهم جاهليه )
وهذه العباره يفهم منها تردده في هذه المسأله .
وإستمر عدد من النسابين والمؤرخين والمحققين في نقل ذلك مثل إبن الأثير الموصلي وإبن
فضل الله العمري ولم يقتصر الأمر على القول بإنقراض ذرية خالد بن الوليد بل وصل إلى
القول أن خالد بن الوليد لم يعقب ولداً
وزعم إجماع النسابين والمؤرخين على ذلك .
أما إبن حزم فإنه بعدما ذكر أنه وُلد لعبدالرحمن بن خالد بن الوليد إبناً أسماه – المهاجر _ قال
وولد للمهاجر إبناً أسماه خالد وأن خالد هذا (خالد بن المهاجر بن عبدالرحمن بن خالد بن الوليد)
روى عنه الزهري وهذا القول غير صحيح فمن روى عنه الزهري هو خالد بن المهاجر بن خالد
بن الوليد وليس خالد بن المهاجر بن عبدالرحمن .
ويتضح من ذلك بأن إبن حزم لم يكن يفرق بين ذرية خالد ثم قوله بإنقطاع عقب خالد لا يعدوا
أن يكون نقله ممن سبقوه .
كذلك إبن الأثير فهو عندما ذكر نسب حسان بن سعيد في كتابه – اللباب في تهذيب الأنساب –
قال ( والرئيس أبو علي حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن منيع
بن خالد بن عبدالرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي المنيعي نسبة إلى جده ) ثم قال : قلت : لم
يعقب عبدالرحمن بن خالد بن الوليد . وقال : وذكر الزبير بن بكار أن ولد خالد بن الوليد
إنقرضوا وورثهم أيوب بن سلمه بن عبدالله بن الوليد بن المغيره المخزومي .
وبالنسبة للإستشهاد في قول ابن زبال بورثة بيته بالمدينة فهذا البيت لم لم يورثه خالد بن الوليد رضي الله عنه لورثته بل جعله صدقة
ولقد روي أنه لما عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد لم يزل مرابطاً في حمص حتى
مرض فدخل عليه أبو الدرداء عائداً فقال خالد : إن خيلي وسلاحي على ماجعلته في سبيل
الله عز وجل وداري بالمدينه صدقه وكنت أشهدت عمر بن الخطاب ونعم العون وهو على
الإسلام ، وقد جعلت وصيتي وإنفاذ عهدي إلى عمر ، فقدم بالوصيه على عمر فقبلها وترحم
عليه (المصدر: صفوة الصفوه لإبن الجوزي و تاريخ الأمم والملوك و تاريخ الخميس ) .
من هذا يتضح أن خالد بن الوليد قد أوصى بأن تكون داره في المدينه صدقه أي أنها ليست
ضمن تركته التي خلفها لأولاده بعد وفاته ومن ثم فإن الإستدلال بإرث الدار قد تلاشى .
القول بإنقطاع عقب خالد بن الوليد غير صحيح .
الأدلة والبراهين :
أولا : محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي مولاهم في كتابه الذي ألفه عام 199هــ ذكر دار خالد بن الوليد بالمدينة فقال: ( إن أيوب بن سلمة اختصم فيها هو وإسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة ، يقول أيوب : هي ميراث وأنا أرثها دونكم بالقعدد أي لأنه أقرب عصوبة ، ويقول إسماعيل هي صدقة ، أي فيدخل فيها القريب وان بعد فأعطيها أيوب ميراثا بالقعدد ، انتهى ) ( وفاء الوفا ج 3 ص 60 )
حال محمد بن الحسن بن زبالة عند علماء الجرح والتعديل :
(1) قال البخاري عن ابن زبالة : عنده مناكير.
(2) قال هاشم بن مرثد الطبراني عن يحيى بن معين أن ابن زبالة : كذاب خبيث لم يكن بثقة ولا مأمون يسرق.
(3) قال ابن معين : كان يسرق الحديث.
(4) وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : لم يقنع الناس بحديثه.
(5) وقال أبو زرعة : واهي الحديث.
(6) وقال أبو حاتم : واهي الحديث ذاهب الحديث ضعيف.
(7) وقال أحمد بن صالح : كتبت عنه مائة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث فتركت حديثه.
( قال ابن أبي حاتم عن الزبير بن بكار : كتب عنه أبي بمكة ، ورايته ولم اكتب عنه ، ووصفه السليماني : في عداد من يضع الحديث.
ثانيا : كتاب " نسب قريش" :
هو كتاب نفيس رغم ما لحقه من التشتيت بسبب تجزئته إلى (12) جزءاً على طريقة المحدثين، مستبعدين أن يكون مصعب قد رتبه هذا الترتيب ، نشر الكتاب لأول مرة بعناية " إ. ليفي بروفنسال " في القاهرة 1951م باعتماد مخطوطتيه اليتيمتين، وكلاهما بلا تاريخ. وقد أعيدت طباعة هذه النشرة مرات، على ما فيها من الأخطاء. وفي النسخة المطبوعة نقص استدرك بتراجم وروايات ملفقة دست فيه. ( ( انظر مجلة العرب س32 ص259) .
و البروفسور اليهودي الاصل " ليفي بروفنيسال" - استاذ اللغه العربية ومدير معهد الدراسات الإسلامية الأسبق بجامعة السوربون – الذي عني بالنشر والتعليق على مخطوط كتاب ( نسب قريش المنسوب لمصعب الزبيري ـ ص 7 ،9 ) قال:
( وصل إلينا كتاب " نسب قريش " في اثني عشر جزءاً على أطوال متباينة بعض الشيء . ولكن هذا التقسيم مصطنع لأننا لا نجد فيه جزءاً مستقلاً بنفسه. وكل جزء يبدأ بالأسانيد نفسها مما يدلنا على أن الكتاب وصل في روايته الأندلسية كما رتب في الأندلس حوالي منتصف القرن العاشر الميلادي ، على أغلب الظن في أيام الخليفة الأموي الثاني بقرطبة وهو الحاكم الثاني المستنصر بالله . وسلسلة الإسناد تبدأ بالأقدم فالقديم فالأقل قدماً ، أولاً : ابن أبي خيثمة النسائي ، ثم الأندلسيان : أبو إسحاق بن جميل ، و أبو بكر محمد بن معاوية المرواني . والمخطوطة التي جلبتها من مكتبة الشريف محمد عبد الحي الكتابي بفاس . وليس في هذا المخطوط ذكر لناسخ أو تاريخ للنسخ ، فهو حديث نسبياً و لا يبدو أنه يرقى إلى أقدم من القرن السابع عشر للميلاد).
حال إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي بمصر عند علماء الجرح والتعديل:
قال الناسخ المجهول لمخطوط (كتاب نسب قريش - ص 337 ) : (( حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن موسي بن جميل الأندلسي بمصر ، قال : حدثنا أحمد بن زهير بن حرب بن شداد النسائي البغدادي المعروف بابن أبي خيثمة ، قال : قرأ على أبو عبدالله المصعب بن عبدالله بن المصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب : قال : ( انقرض ولد خالد بن الوليد فلم يبق منهم أحد ورثهم أيوب بن سلمة دارهم بالمدينة) .
تجد هنا أن ننبه عن ملاحظتين مهمتين هما :
1. الناسخ لنسب قريش قال: (( حدثنا ...)) هنا الناسخ مجهول ومن حدثه مجهول .
2. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن جميل في خبره انفرد بألفاظ وزيادات عن رواية ابن زبالة.
حال إبراهيم بن موسى بن جميل عند علماء الجرح والتعديل :
(1) قال الذهبي في كتابه ( المغني في الضعفاء ) - [ جزء 1 - صفحة 27 ] : (( إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي عن عمر بن شبه قال أبو الوليد ابن الفرضي : كثير الغلط )) .
(2) قال الذهبي في كتابه (ميزان الاعتدال) - ج1 ) : (إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي / رحال. ذكره أبو الوليد بن الفرضي في تاريخه وقال: كثير الغلط. )
(3) إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي ( ت300هـ) لم يكن من تلاميذ أبي بكر أحمد ابن أبي خيثمة ( ت 279هـ)ولم يقابله والدليل أن الذهبي في كتابه ( سيرة أعلام النبلاء –ج11 –ص492 ) عدَّ من روى عن أبي بكر أحمد ابن أبي خيثمة ، فقال :
( روى عنه ابنه محمد بن أحمد الحافظ ، وأبو القاسم البغوي ، ويحيى بن صاعد ، وعلي بن محمد بن عبيد ، ومحمد بن مخلد ، ومحمد بن أحمد الحكمي ، وإسماعيل بن محمد الصفار ، وأبو سهل بن زياد ، وقاسم بن أصبغ ، وأحمد بن كامل) . ولم يرد اسم " إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي " منهم . علاوة على أن ابن أبي خيثمة مات قبل ابن جميل بواحد وعشرين سنة !.
(4) الحافظ أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي القرطبي المعروف بابن الفرضي في كتابه ( تاريخ علماء الأندلس - ص 15،16) قال : ( أخبرني أبو محمد عبدالله بن محمد بن علي ، قال :سمعنا أبا محمد قاسم بن أصبغ يقول : وكنا قد نسخنا من كتابه بمصر كتاب " البصريين من تاريخ ابن أبي خيثمة " ، فلما قدمنا بغداد شهدنا بنسختنا عند ابن أبي خيثمة فقرأها علينا ، وجدناها مخطئة كلها ، حتى أنكرنا ) . و( التدليس أخو الكذب) قال الشافعي: ( ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته) [الرسالة ص 379 ] و الذي ذهب إليه الإمام الشافعي هو الذي عليه أكثر أئمة أهل الحديث . أما حكم المُدلس فقد اعتبره القاضي عبد الوهاب المالكي ( في الملخص ) : " جرح مطلق " لما فيه من الغش والخداع ... وهناك قول آخر هو قبول خبر المدلس وهذا قول ضعيف وهو مذهب أهل الكوفة وكلهم معروف عنهم التدليس إلا شريكا ومسعر بن كدام ( انظر التمهيد ج1 /33 ).
(5) والعلامة ابن الفرضي ( 351-403هـ) في كتابه ( تاريخ علماء الأندلس - ص 15-16) قال: ( أخبرني أبو محمد عبدالله بن محمد بن علي ، قال :سمعنا أبا محمد قاسم بن أصبغ يقول : سمعت إبراهيم بن موسى بن جميل يقرأ الجزء السادس من " المعارف " لابن قتيبة ، وقلبه بالتصحيف واللحن والخطأ ، فشق ذلك عليه حين رآنا أشد المشقة ).
(6) النسائي ذكر ابن جميل في ( الضعفاء والمتروكين): ( إبراهيم بن موسى بن جميل ليس به بأس) . ودل على انه من الضعفاء والمتروكين.
(7) ابن حجر في (ميزان الاعتدال –– ج7 - 170 ) : (إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي) هكذا ورد ودل على أنه مجهول لديه.
ثالثاً:حال أيوب بن سلمة المخزومي عند علماء الجرح والتعديل :
(1) ابن حبيب البغدادي ( ت275هـ) في كتابه (المنمق في أخبار قريش ) قال: ( كذابو قريش : عبد الله بن عنبسة بن سعيد بن العاص بن أمية، وأيوب بن سلمة بن الوليد المخزومي، وإبراهيم بن عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي، وعاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب وكان يقال إنه لا يخرج الدجال وواحد من هؤلاء حي لأنهم دجالون والدجال الكذاب.).
(2) البلاذري البغدادي ( ت 279هـ ) في كتابه (أنساب الأشراف) قال: ( وأما أيوب بن سلمة بن عبد الله فكان تائهاً ). وفي رسم كلمة ( تائه ) : 1وعند الفيروز آبادي (ت817هـ) في كتابه ( القاموس المحيط ) : ( التَّائِهُ [توه]: فا.: الضالُّ المتحيِّر؛ إنه تائهٌ بين العلم والعمل. ) .
(3) ابن حجر في كتابه ( الإصابة في تمييز الصحابة ) قال: (عبدالله بن الوليد بن المغيرة كان اسمه الوليد ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم غيره قال الزبير بن بكار حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثني إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس عن أيوب بن سلمة عن عبدالله بن وليد بن الوليد بن المغيرة عن أبان بن عثمان قال دخل الوليد بن الوليد بن المغيرة وهو غلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك يا غلام فقال أنا الوليد بن المغيرة قال بن الوليد بن الوليد ما كادت بنو مخزوم إلا أن تجعل الوليد ربا ولكن أنت عبدالله هذا هو الصواب مرسل وكذا ذكره بن عبدالبر بغير إسناد ووصله بن منده من وجه آخر عن أيوب بن سلمة فقال عن أبيه عن جده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه قلت وفي سنده أيوب بن سلمة وهو كذاب).