الشاعر كاظم إسماعيل اﻠﮔاطع انحدر من الجنوب وتلحف في بردي الاهوار ، وظلت رائحة الأرض تعبق بأجواء قصائده التي نظمها في مدينة الثورة ، كانت بداياته الشعرية الاولى ردود أفعال لفشل تجربة عاطفية إنسانية ، لفتى شاب كان يمارس رياضة كرة القدم ، فكتب أول قصيدة بعنوان [ انتهينه ] في 1967 ، والتي جعلته يقف إلى جانب الشعراء المعروفين في مدينة الثورة ، أمثال الشعراء عريان السيد خلف ، وجمعة ألحلفي ، وكريم العراقي ،. وقد سهل عليه التردد على مقهى (الميثاق) في مدينة الثورة ، في التعرف على الشعراء شاكر السماوي وعريان السيد خلف وجمعة الحلفي وآخرين.
تعلم كاظم إسماعيل الكاطع من مدرسة الحياة ، الكثير والكثير من القيم والمعاني الإنسانية التي جسدها في قصائده ، ومثله مثل كل الأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين من ابناء الشعب العراقي ، من الديمقراطيين واليساريين و الوطنيين ، الذين حاصرتهم الدكتاتورية و تعرضوا إلى الملاحقة والاستجواب والاعتقال لإجبارهم على التخلي عن خياراتهم الفكرية والسياسية ولتعطيل ابداعهم الإنساني، و تم سحقهم تحت جنازير الإلة البربرية السلطوية التي لاترحم ، ولم تكتف هذه السلطات بمنعهم من مواصلة مسيرتهم الإبداعية الوجدانية وحسب ، بل دفعت البعض منهم إلى الانزواء بعيدا عن الاضواء، و قبل البعض الأخر الاستمرار في ممارسة لعبة (القط والفأر) على مضض من خلال الاختفاء والظهور والابتعاد عن عيون الفضوليين من اعوان النظام ، و ظل الجلادون ممسكون برقاب الكثيرين منهم يسحبونها ويشدونها متى شاؤا، مواصلين اذلالهم وتحطيمهم لكل ماهو ادمي وانساني في تكوين الشخصية الوطنية العراقية .
وقد عملت الديكتاتورية و مؤسساتها على وضعهم على حافة الشظف والفاقة ،مما دفعهم إلى مزاولة مختلف الأعمال لضمان استمرار حياة عوائلهم واطفالهم ، وكانت عملية محاربة الإنسان العراقي في رزقه اليومي وقوته ، هي واحدة من أبشع الوسائل التي ورثتها الديكتاتورية الفاشية الصدامية من تجارب الأنظمة الدكتاتورية الشمولية ، ولم تتوان إلة الأعلام الدكتاتورية الحربية ومؤوسساتها القمعية عن خنق ووأد إي نفس وطني عراقي ، مضيفة حصارا أخرى للحصار الذي يتعرض له الوطن الشعب العراقي .
وعلى الرغم من كل هذه التجارب العامة المؤلمة والتجارب الشخصية المريرة التي عانى منها الشاعر كاظم إسماعيل اﻠﮔاطع ، الاانه ظل يطارد الحلم بين خيوط الدخان المتصاعدة من بيوت الفقراء الكادحين بمدينة الثورة المترامية الأطراف التي تحلم بغد أفضل كباقي المدن العراقية .
أصدر كاظم اسماعيل اﻠﮔاطع، ديوانه الاول في عام 1968 ،و كتب في تلك الفتره واحدة من أجمل قصائده الشعبية التي كانت بعنوان (لو نمشي طول العمر) والتي غناها الفنان سعدون جابر والمشهورة باسم ( اللي مضيع ذهب ) ، والتي عالج فيها الشاعر لأول مرة الغربة في مطلع السبعينات فكتب يقول :
بالغربهْ شِفت التَعب وإتعلٌمت معناه
وإتعلٌمت عالسهرْ .. والسكتهْ .. والصفناهْ
ذلٌيت ذلْ النهر من ينكَطع مجراهْ
وإعرفت كل شي إعرفتْ
حتىٌ النخلْ ينحني لريح السفرْ من يجي
وجايب غريب إوياهْ
ألله !! يا هالوطن شمسٌوي بيٌه ألله
نيرانه مثل الثلجْ
كلما تدكْ عالضلعْ
أبرد وكَول إشٌاهْ
إللٌي إمضيٌع ذهب!!
بسوكَ الذهبْ يلكَــــــاهْ
وإللي مفاركْ محبْ ...
يمكن سنهْ وينســــــاهْ
.. والطاح منٌه الكَلبْ
قلب إصطناعي إنلكًه ويشكٌلونه إهنـــاهْ
بس إل مضيٌع وطــــــــــــــنْ
وين الوطن يلكَـــــــاه ؟ ؟ ؟
في هذه القصيدة الشعبية التي انتقى شاعرنا بعناية كلماتها العامية البسيطة السهلة الفهم على المتلقي ،يحاول من خلالها الشاعر رسم العديد من الصور المتداخلة التي تمثل الحالة الوجدانية للمغترب وعملية ارتباطه بالوطن ، والتي تمثل ارتباط النهر بمجراه ، ومن ثم انتقل الشاعر إلى صورة أخرى تمثل هول الغربة وثقلها ، الذي يمثله انحناء النخيل لريح السفر ، وعبر هذه الصور نقلنا الشاعر كاظم إسماعيل من خلال تتشبيهه الجميل إلى عالم الواقع واحداثه اليومية ، فتجده يشبه ألالام واحزان الوطن ، بالنيران التي تشبه الثلج الذي يلامس اضلاعه فيرتجف من البرد ، ، هذه الصورة توضح علاقة الإنسان بهويته وعنوانه الوطني، لقد ابدع الشاعر أﻠﮔاطع في تصويره للحالة الإنسانية للمهاجرين والمغتربين العراقيين ، من خلال هذه الصور الشعرية الجميلة ليفك عبرها طلاسم الارتباط الشديد بين المواطن والوطن ،من خلال تعريف شعري مبسط للهوية الوطنية .
آه ياوطن يا خبز يالشارتك تكتل !!
آه يا وطن يا طفل ..
هِنياله منْ صاغ إلك نبض الكَلب جنجل !!
يا وطن .. زٌفة كَمر
ياعراق زَفة كَمر
ونجوم إلهْ إتهلهلْ !!
عذبٌني ما عذبٌك ..
إكتلتني ما أكتلك ..
طبع اليحب ينكتل موش اليحب يكتل
م ن ق و ل