انقل لكم هذه الحادثة الحقيقية من كتاب ( حكايات عن المنتفق وقائع من تأريخ العراق الحديث والمعاصر)
للدكتور حميد حمد السعدون
الحادثة تحت عنوان (( تقاليد العرب))
(( كتب الاستاذ علي الشرقي ما نصه (( بادية العراق كغيرها من بلاد الجزيرة, تكثر فيها في الشتاء والربيع, الغارات والوقايع بين القبائل, التي تراود تلك البقاع. وفي عهد-ناصر باشا السعدون- المعروف عند عرب الجزيرة بالاشقر.
صالت الراية العراقية على بعض احياء عنزة. وبعد الاشتباك تغلبت, وامتلكت من الماشية والبيوت وكانت غزوة رابحة اثرت فيها رجالات المنتفق من كثرة الغنائم وركزت رايتها في وسط تلك الاحياء النهرية.
ويضرب رواق للعميد-ناصر- وتحشد عيون العشيرة ومساعديها. وللنادي السعدوني, ادب ومزايا نوادي عمائر المنتفق مطبوعة بطابعها, ذلك الطابع الذي جعلها تمتاز عن سائر نوادي الريف العراقي. وبينما ذلك النادي في هالة من وقار راكس في سكوته وسكونه المهيب, واذا بفتاة جميلة متجلبة باجمل بزه, تتخطى الرؤوس وتتوسط النادي غير هيابة ولا وجله. فأكبر رجال المنتفق ذلك المنظر وطأطأوا الرؤوس لان الشيوخ من ال سعدون, متشددون بحجاب المرأة, وديوانهم تتهيبه الرجال. فكيف تتخطاه امرأة متبرجة بزينتها.
حادث مريع ليس له مثيل في نوادي ال سعدون. فيطأطئ ناصر الاشقر, رأسه ويزجر الفتاة, زجرة تبلغ اقصى الحي, قائلا: ما شأنك؟
فتجيب برباطة جأش وتماسك: يالاشقر, الله في تقاليد العرب. ويسأل الاشقر: ماذا تقصدين؟
وترد عليه: اني فتاة غريبة عن اهل هذا الحي, وقد خطبت لفتى من فتيانه, فكان الرزفاف البارحة, وصبحت الحي غاراتكم, وسوف تقول نساء الحي هذا من شؤوم العروس, ويتطير مني... فأناشدك الله بتقاليد العرب راغبة اليك ان تأخذني معك, فأنني لا استطيع البقاء.
ويخشع الشيخ الاشقر, لذلك الصوت الرقيق, ويقدم ذلك الاحتجاج الادبي الصارخ, ويعطف عليها بحنو الوالد, قائلا(( ارجعي يا عفيفة الى خبائك, فسوف اجعلك ميمونة مباركة, انا لا ننتهك الستر ولا نزعج حلائل الكرام))..
وينادي مناديه في غزاة المنتفق, ان اتركوا غنائكم حرمة لهذه الفتاة.. غير ذلك فأنه منها من حلاله الخاص الشيئ الكثير, وطوى مخيمه راجعا بالمنتفق, وكما جاءوا فارغين من كل الغنائم الا من الشيم والحرص على تقاليد العرب.
فهل غريب على الاشقر , حين يشاكس والدته بالقول(( يايمه خوذيلج رجل هلبت ولد مثلي يصير))
كم حرة فيك لاذت وهي تعترف----- أن المرؤة من عينيك تغترف
هذا مضيف يلوذ الحائرون به------- نهران خير دائما لا تجف
ويقول فيه الشاعر( عيد الزميلي الشمري) مادحا له في قصيدة طويلة منها:
ياوي شيخ يوم تطري الشيوخي----- اشكر ليا حطوا على الخيل جوخي
تلوذ به الفرسان مثل الفروخي------ ومن لكوته كل القبايل هواريب
اشكر وجن عينيه فيها سنا نار--------مطرق حديد والبواليد كسار
عج الرمك والكون يوم الدخن ثار------اشكر عن الهوش وصل الرعابيب
مصادر الحكاية
1- علي الشرقي-الالواح التأريخية-ق1-ص87-88
2-صحيفة القادسية-بغداد-في19 ايلول 1990
انتهت الحادثة