العيلاميون والغزو الأجنبي
كان الشعب العيلامي أَول من استوطن عربستان، وهو من الشعوب السامية. وقد خضع هذا الشعب في بادئ الأمر لسلطان المملكة الأكّادية في العراق. واستطاع العيلاميون عام 2320ق.م اكتساح المملكة الأكّادية واحتلال عاصمتها أور، وأنشأوا على أنقاضها المملكة العيلامية التي بسطت سلطانها على الأقوام السامية التي كانت تستوطن إقليم عربستان. وفي عهد الملك حمورابي خضعت عربستان للبابليين (2094ق.م) ثم الآشوريين، وبعدهم اقتسمها الكلدانيون والميديون. ثم غزاها الأَخمينيون عام 539ق.م وتركوا للسكان حرية اتباع قوانينهم الخاصة. ثم خضعت المنطقة للإسكندر المقدوني. وبعد موته خضعت للسلوقيين منذ عام 311ق.م ثم للبارثيين ثم الأُسرة الساسانية التي لم تبسط سيطرتها على الإقليم إلا في عام 241م. وقد قامت ثورات متعددة في الإقليم ضد الساسانيين مما اضطر هؤلاء إلى توجيه حملات عسكرية كان آخرها عام 310م حين اقتنعت المملكة الساسانية بعدها بصعوبة إخضاع الساميين (العرب)، فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني.
العصور الإسلامية الأولى
بعد معركة القادسية، أُلحق إقليم عربستان بولاية البصرة. وبقيام الدولة الإسلامية لم تعد هناك حدود فاصلة بين إقليم عربستان والأقاليم الأخرى، وظل هذا الإقليم منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية.
الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)
قامت هذه الدولة في إقليم عربستان عام 1436م عندما تولى الحكم محمد بن فلاح بن هبة الله، واتخذ الحويزة عاصمة له. وقد حافظت هذه الدولة العربية على استقلالها رغم ما تعرضت له من محاولات الغزو على يد العثمانيين. وتعتبر فترة حكم مبارك بن مطلب بدءًا من عام 1588م العصر الذهبي للدولة المشعشعية حيث استطاع فرض سيطرته على كافة إقليم عربستان وطرد الجيش الإيراني من مدن عربستان كلها.
وقد حاول الصفويون احتلال بغداد فطلبوا المساعدة العسكرية من منصور الحاكم المشعشعي آنذاك، الذي رفض تقديم أية مساعدات، فهزم الصفويون واضطروا لقبول الصلح مع مراد الرابع العثماني عام 1639م، حيث اعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلال الدولة المشعشعية عام 1724م عندما استطاعت الدولة الكعبية مد نفوذها على نواحي عربستان كلها.
الدولة الكعْبية (1724-1925م)
تنتسب هذه الدولة إلى عشيرة كعب العربية التي تعتبر منطقة نجد موطنها الأصلي. وقد استقرت في القسم الجنوبي من إقليم عربستان. وانتهز أحد حكامها، وهو فرج الله بن عبدالله ابن ناصر، ضعْف الدولة المشعشعية فهاجمها عام 1724م، وأَجبر أَميرها على الفرار إلى بغداد وضم شمالي عربستان إلى سيطرة الدولة الكعبية. وبلغت هذه الدولة أَوج ازدهارها في عهد سلمان بن طهماز عام 1737م، الذي تميز عهده بتوسع سلطان الدولة وامتدادها لتشمل أنحاء إقليم عربستان جميعها.
خاضت الدولة الكعبية حروبًا مع الإيرانيين والعثمانيين والإنجليز (1757 - 1768م)، واستطاعت الصمود واستمرت في رفض دفع الضرائب لشاه إيران. واحتلت البصرة في عام 1836م إلا أنها اضطرت للانسحاب أمام تعقب القوات العثمانية لها. فقد فرضت هذه القوات الحصار على المحمرة، ولم يرفع إلا بعد أن قدمت الدولة الكعبية فدية مالية إلى قائد الحملة العثماني. ولكن الدولة العثمانية هاجمت المحمرة فجأة عام 1867م واحتلتها، وما لبثت أن بسطت سيطرتها على كافة نواحي إقليم عربستان وفرضت حاكمًا عليها. وقد استطاع جابر بن مرادو زعيم قبيلة كعب السيطرة على الأمور في الإقليم من جديد وطلب مساعدة الدولة القاجارية (الإيرانية) للوقوف معه. وعقدت معاهدة أَرضروم عام 1837م بين الدول الأربع، إنجلترا وإيران والعثمانيين والدولة الكعبية، وأعطت المعاهدة إيران مدينة المحمرة وميناءها وجزيرة خضر والمرسى والأراضي الواقعة على الضفة الشرقية من شط العرب.
ولكن القوات الإنجليزية هاجمت عربستان واحتلت المحمرة والأَحواز، واتفقت مع الدولة الكعبية على ضمان استقلالها. وانسحبت في 1857م، وبعد ذلك اتفقت الدولة القاجارية مع الدولة الكعبية على أمور أهمها عدم التدخل في شؤونها، وأن يكون لها كيانها المستقل؛ وأن تكون الجمارك تحت إدارة الدولة القاجارية.
توفي جابر بن مرادو عام 1881م، وخلفه ابنه مزعل الذي ساءت علاقته مع الإنجليز، فخلفه أخوه خزعل الذي كان معروفًا بصداقته لهم. واستطاع طرد القاجاريين من مدينتي دزفول وتستر، وعيّن عليهما حاكمين عربيين، وأصبحت المحمرة في ذاك الوقت أقوى من طهران. وقد طمأنت بريطانيا الدولة الكعبية على ضمان استقلالها بعد أن قسمت الدولة الإيرانية بين روسيا وبريطانيا، بموجب معاهدة 1907م.
واشتركت الدولة الكعبية في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) إلى جانب الحلفاء، وأصبح دورها فاعلاً في المنطقة، مما شجع أميرها على ترشيح نفسه لتولي عرش العراق. لكن الإنجليز كانوا ميالين إلى فيصل بن الحسين. وبعد عام 1920م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران، ووضع الأمير خزعل تحت الإقامة الجبرية في طهران .وأصدر رضا خان، حاكم إيران، بيانًا أعلن فيه تنازل أمير عربستان، خزعل المحيسن، عن الحكم لابنه جاسب المحيسن، وإشراف إيران على الحكم الداخلي في عربستان، وقطع عربستان لعلاقتها الخارجية مع الدول الأخرى. ولكن الكعبيين أجبروا القوات الإيرانية التي احتلت المحمرة في يوليو 1925م على الانسحاب بعد يومين، إلا أن القوات البريطانية ساعدت الإيرانيين على بسط سيطرتهم على إقليم عربستان، الذي فقد كيانه العربي كإقليم مستقل، ليصبح ولاية إيرانية تعرف باسم خوزستان.
عربستان بعد عام 1925
رفض سكان إقليم عربستان العرب الاحتلال الإيراني لبلادهم وقاموا بعدة ثورات من أهمها انتفاضة الحويزة (1928م)، وانتفاضة حيدر بن طلال (1930م)، وانتفاضة جاسب بن الشيخ خزعل (1943م)، وانتفاضة بنو طرف (1945م)، وانتفاضة الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل (1946م) في منطقة الغيلية، وانتفاضة الشيخ يونس العاصي (1949م).
وفي عام 1946م، أسس الشباب العربي حزب السعادة، لبث روح الوعي العربي بين شباب عربستان ومقاومة الاحتلال، وامتدت تنظيماته إلى معظم مدن عربستان، إلا أن السلطات الإيرانية قضت على الحزب الذي أصبح أمينه العام حسين فاطمي وزيرًا للخارجية في عهد الدكتور مصدّق.
كان الشعب العيلامي أَول من استوطن عربستان، وهو من الشعوب السامية. وقد خضع هذا الشعب في بادئ الأمر لسلطان المملكة الأكّادية في العراق. واستطاع العيلاميون عام 2320ق.م اكتساح المملكة الأكّادية واحتلال عاصمتها أور، وأنشأوا على أنقاضها المملكة العيلامية التي بسطت سلطانها على الأقوام السامية التي كانت تستوطن إقليم عربستان. وفي عهد الملك حمورابي خضعت عربستان للبابليين (2094ق.م) ثم الآشوريين، وبعدهم اقتسمها الكلدانيون والميديون. ثم غزاها الأَخمينيون عام 539ق.م وتركوا للسكان حرية اتباع قوانينهم الخاصة. ثم خضعت المنطقة للإسكندر المقدوني. وبعد موته خضعت للسلوقيين منذ عام 311ق.م ثم للبارثيين ثم الأُسرة الساسانية التي لم تبسط سيطرتها على الإقليم إلا في عام 241م. وقد قامت ثورات متعددة في الإقليم ضد الساسانيين مما اضطر هؤلاء إلى توجيه حملات عسكرية كان آخرها عام 310م حين اقتنعت المملكة الساسانية بعدها بصعوبة إخضاع الساميين (العرب)، فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني.
العصور الإسلامية الأولى
بعد معركة القادسية، أُلحق إقليم عربستان بولاية البصرة. وبقيام الدولة الإسلامية لم تعد هناك حدود فاصلة بين إقليم عربستان والأقاليم الأخرى، وظل هذا الإقليم منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية.
الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)
قامت هذه الدولة في إقليم عربستان عام 1436م عندما تولى الحكم محمد بن فلاح بن هبة الله، واتخذ الحويزة عاصمة له. وقد حافظت هذه الدولة العربية على استقلالها رغم ما تعرضت له من محاولات الغزو على يد العثمانيين. وتعتبر فترة حكم مبارك بن مطلب بدءًا من عام 1588م العصر الذهبي للدولة المشعشعية حيث استطاع فرض سيطرته على كافة إقليم عربستان وطرد الجيش الإيراني من مدن عربستان كلها.
وقد حاول الصفويون احتلال بغداد فطلبوا المساعدة العسكرية من منصور الحاكم المشعشعي آنذاك، الذي رفض تقديم أية مساعدات، فهزم الصفويون واضطروا لقبول الصلح مع مراد الرابع العثماني عام 1639م، حيث اعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلال الدولة المشعشعية عام 1724م عندما استطاعت الدولة الكعبية مد نفوذها على نواحي عربستان كلها.
الدولة الكعْبية (1724-1925م)
تنتسب هذه الدولة إلى عشيرة كعب العربية التي تعتبر منطقة نجد موطنها الأصلي. وقد استقرت في القسم الجنوبي من إقليم عربستان. وانتهز أحد حكامها، وهو فرج الله بن عبدالله ابن ناصر، ضعْف الدولة المشعشعية فهاجمها عام 1724م، وأَجبر أَميرها على الفرار إلى بغداد وضم شمالي عربستان إلى سيطرة الدولة الكعبية. وبلغت هذه الدولة أَوج ازدهارها في عهد سلمان بن طهماز عام 1737م، الذي تميز عهده بتوسع سلطان الدولة وامتدادها لتشمل أنحاء إقليم عربستان جميعها.
خاضت الدولة الكعبية حروبًا مع الإيرانيين والعثمانيين والإنجليز (1757 - 1768م)، واستطاعت الصمود واستمرت في رفض دفع الضرائب لشاه إيران. واحتلت البصرة في عام 1836م إلا أنها اضطرت للانسحاب أمام تعقب القوات العثمانية لها. فقد فرضت هذه القوات الحصار على المحمرة، ولم يرفع إلا بعد أن قدمت الدولة الكعبية فدية مالية إلى قائد الحملة العثماني. ولكن الدولة العثمانية هاجمت المحمرة فجأة عام 1867م واحتلتها، وما لبثت أن بسطت سيطرتها على كافة نواحي إقليم عربستان وفرضت حاكمًا عليها. وقد استطاع جابر بن مرادو زعيم قبيلة كعب السيطرة على الأمور في الإقليم من جديد وطلب مساعدة الدولة القاجارية (الإيرانية) للوقوف معه. وعقدت معاهدة أَرضروم عام 1837م بين الدول الأربع، إنجلترا وإيران والعثمانيين والدولة الكعبية، وأعطت المعاهدة إيران مدينة المحمرة وميناءها وجزيرة خضر والمرسى والأراضي الواقعة على الضفة الشرقية من شط العرب.
ولكن القوات الإنجليزية هاجمت عربستان واحتلت المحمرة والأَحواز، واتفقت مع الدولة الكعبية على ضمان استقلالها. وانسحبت في 1857م، وبعد ذلك اتفقت الدولة القاجارية مع الدولة الكعبية على أمور أهمها عدم التدخل في شؤونها، وأن يكون لها كيانها المستقل؛ وأن تكون الجمارك تحت إدارة الدولة القاجارية.
توفي جابر بن مرادو عام 1881م، وخلفه ابنه مزعل الذي ساءت علاقته مع الإنجليز، فخلفه أخوه خزعل الذي كان معروفًا بصداقته لهم. واستطاع طرد القاجاريين من مدينتي دزفول وتستر، وعيّن عليهما حاكمين عربيين، وأصبحت المحمرة في ذاك الوقت أقوى من طهران. وقد طمأنت بريطانيا الدولة الكعبية على ضمان استقلالها بعد أن قسمت الدولة الإيرانية بين روسيا وبريطانيا، بموجب معاهدة 1907م.
واشتركت الدولة الكعبية في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) إلى جانب الحلفاء، وأصبح دورها فاعلاً في المنطقة، مما شجع أميرها على ترشيح نفسه لتولي عرش العراق. لكن الإنجليز كانوا ميالين إلى فيصل بن الحسين. وبعد عام 1920م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران، ووضع الأمير خزعل تحت الإقامة الجبرية في طهران .وأصدر رضا خان، حاكم إيران، بيانًا أعلن فيه تنازل أمير عربستان، خزعل المحيسن، عن الحكم لابنه جاسب المحيسن، وإشراف إيران على الحكم الداخلي في عربستان، وقطع عربستان لعلاقتها الخارجية مع الدول الأخرى. ولكن الكعبيين أجبروا القوات الإيرانية التي احتلت المحمرة في يوليو 1925م على الانسحاب بعد يومين، إلا أن القوات البريطانية ساعدت الإيرانيين على بسط سيطرتهم على إقليم عربستان، الذي فقد كيانه العربي كإقليم مستقل، ليصبح ولاية إيرانية تعرف باسم خوزستان.
عربستان بعد عام 1925
رفض سكان إقليم عربستان العرب الاحتلال الإيراني لبلادهم وقاموا بعدة ثورات من أهمها انتفاضة الحويزة (1928م)، وانتفاضة حيدر بن طلال (1930م)، وانتفاضة جاسب بن الشيخ خزعل (1943م)، وانتفاضة بنو طرف (1945م)، وانتفاضة الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل (1946م) في منطقة الغيلية، وانتفاضة الشيخ يونس العاصي (1949م).
وفي عام 1946م، أسس الشباب العربي حزب السعادة، لبث روح الوعي العربي بين شباب عربستان ومقاومة الاحتلال، وامتدت تنظيماته إلى معظم مدن عربستان، إلا أن السلطات الإيرانية قضت على الحزب الذي أصبح أمينه العام حسين فاطمي وزيرًا للخارجية في عهد الدكتور مصدّق.