شاذل طاقه (1929-1974) - شاعر وسياسي ودبلوماسي عراقي، من مؤسسي مدرسة الشعر العربي الحديث (الشعر الحر)، مع الشاعرين بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي والشاعرة نازك الملائكة. ولد في مدينة الموصل العراقية بتاريخ 28 أبريل 1929م. أكمل دراسته الابتدائية في (مدرسة الخزرجية)، والمتوسطة في (الشرقية) أما دراسته الإعدادية فأتمها في (الإعدادية المركزية) في الموصل، والتحق بدار المعلمين العالية (كلية التربية) في بغداد في العام 1946-1947، وتخرج بتفوق من الكلية المذكورة في حزيران من العام 1950، حاصلا على شهادة الليسانس في الأدب العربي بمرتبة الشرف. بدأ كتابة الشعر العمودي، ومن ثم الشعر الحر، في سن مبكرة ونشرت قصائده في الصحف المحلية منذ أربعينيات القرن الماضي.
قال عنه بدر شاكر السياب "شاذل شاعر كبير أضاعه بقاؤه في الموصل
دواوينهأصدر ديوانه الشعري الأول (المساء الأخير) عام 1950، ثم أصدر ديوانا شعريا مشتركا في العام 1956 تحت عنوان (قصائد غير صالحة للنشر) ضم قصائد لشعراء عراقيين آخرين من مدينة الموصل هم عبد الحليم اللاوند وهاشم الطعان ويوسف الصائغ. وفي العام 1963 صدرت مجموعته الشعرية الثانية (ثم مات الليل) لتليها في العام 1969 مجموعته الشعرية الثالثة والأخيرة (الأعور الدجال والغرباء). ترجمت قصائده إلى العديد من اللغات الأجنبية، وكتبت عن أشعاره دراسات وأبحاث عديدة. كما أصدرت وزارة الثقافة والإعلام العراقية في العام 1977 مجموعته الكاملة التي أعدها وقدّم لها الكاتب العراقي سعد البزاز.
مؤلفاته(تاريخ الأدب العباسي)، عام 1953 وهو دراسة للشعر في العصر العباسي الأول. وقد اعتمد منهجا دراسيا في حينه.
(في الإعلام والمعركة)، عام1969 عن وزارة الإعلام العراقية.
[عدل] وظائفهتقلد مناصب وظيفية رفيعة عديدة حيث عين عام 1963م مديرا عاما ل وكالة الأنباء العراقية بعد تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق مقاليد السلطة في العام 1963. شغل عام 1968م منصب وكيل وزارة الإعلام، ثم سفيرا للعراق لدى الاتحاد السوفيتي، ووكيلا لوزارة الخارجية، ثم أصبح وزيرا للخارجية عام 1974م وتوفي في العاصمة المغربية في العام نفسه أثناء حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط بتاريخ 20 أكتوبر 1974م.
تجربته الشعريةاتسمت تجربته الشعرية بالتجديد وقد ورد في مقدمة ديوانه: (المساء الأخير) 1950 قوله "ان هذا الضرب من الشعر (الشعر الجديد) ليس مرسلا ولا مطلقا من جميع القيود، ولكنه يلتزم شيئا وينطلق عن اشياء.. ولعل من حق الفن ان اذكر ان هذا الضرب ليس مبتكرا، فان جذوره ممتدة في الشعر الأندلسي... "
وعن دور الشعر والشاعر في الحياة، يقول شاذل طاقة في المقدمة ذاتها "لكني أحسب أن الشعر، في هذا العصر، لا يزال له خطره، وأن الشاعر، لا يزال كما كان منذ القدم نبيا بين الناس يرشدهم ويهديهم، ويقوّم ما أعوج من طباعهم وأذواقهم.. ويكفي الشعر هذا فلا حاجة به إلى أن يكون بوقا من أبواق الإصلاح الاجتماعي، يهدف مباشرة إلى خدمة البلاد، فأنه لن يكون حينذاك شعراً، ولن يحق لنا أن نعتبره فنا جميلاً."
يشير الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب في رسالة بعثها إلى شاذل طاقه بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 1963 إلى قصيدة (الدملماجة) التي كتبها طاقه عام 1959 حيث يعتبرها السياب "من أجود الشعر المعاصر".
نماذج من قصائدهوعاد الرجال
سألتُ شجيرة الكافور، :قلتُ :
لعلّها تدري..
بأنا ذات أمسيةٍ
زرعنا فوقها قمراً
صغيراً أسود العينين والشَعْرِ..
أشعلنا له شمعاً وكافورا..
وفدّيناه بالنذر..
فذاب الكحل مبهورا..
وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندر !.
غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم !.
تقول شجيرة الكافور،
فانتظري مع الأحزان والأشواق عودته
ربيعاً آخراً..
يا ليتها تعَلْم..
بأنيّ حُكتُ من ضلعي وسادته
ومن نهديَّ.. والخدّين..
لو يعَلْم..
بأنيّ لن أراه مرةً أخرى..
فإني، يا شجيرته،
ربيعٌ واحدٌ عشناه..
ثم مضى.. مضى.. مَرّا..
حزيناً مَرَّ، يا عيني، وما سَلَّمْ..
خّلفني مع الأحزان والصبر..
ينوسُ بليلنا قمرٌ حزينٌ..
أسود العينينِ والشعرِ !
سُقيتِ.. شجيرةَ الكافور، :إن عادَ الرجال.. وكان بينهمو
حبيبي.. فانثري من فوقه الزهرا
وبُوسيه من الخدّين..
رُشّي فوقه العطرا..
وبوحي بالهوى عنيّ..
وقولي:
إنني ما زلتُ أهواه..
وأحلُم؛
إذ يزور ضفافنا القمر الصغير
مُكحّل الجفنِ..
ينام على الرمال..
يُغازل النهرا..
وقولي: إنني ما زلت أهواه
ومن حبات قلبي.. سوف أطعمه.. وأسقيه
دمي ودموع عيني.. آه يا عيني..
وبالكافور والشمع اللهيب، نذرتُ، أفديهِ
وأدعو الله يَنصره ويرعاهُ..
ويرجعهُ إلى حضني..
سُقيتِ.. شجيرةً الكافور،
لا تَنسَي.. وناديه
أيا ميمونة الغصنِ!
وراح رفاقه المضنون..
ينتحبون في صمت..
وزغردت البنادق مرة أخرّى تودعه..
وحوّم في المدينة طائر الموتِ..
فمالت غرسة الكافور خاشعة..
وطيَّ غصونها قمرٌ يشيّعه..
وطُفِّئتِ السماء.. وغابت الأصوات..
وضاعت آخر النجمات..
ومن أقصَى المدينة جاء الفجر محتدماً
يؤذِّن في الشوارع غاضب الجرسِ
ويغسل مَدْرج الشمس!.
بغداد في 28/4/1968
بدأ شاذل طاقة بكتابة هذه القصيدة أثناء مهرجان الشعر العربي الثامن في القاهرة، وأكملها في بغداد. أرسلت القصيدة إلى مهرجان الشعر العالمي في يوغسلافيا الذي دُعي إليه الشاعر في أيلول 1968، ولكنه لم يتمكن من حضوره بسبب مسؤولياته. كانت القصيدة مسجلة بصوت الشاعر في مكتبة إذاعة بغداد لحين احتلال العراق عام 2003، ولا يعرف مصيرها بعد ذلك التاريخ.
وتقولين: أحبك!
وتقولينَ :
أحبُّكْ..
وتمرّين.. كما مرّت غمامَهُ..
دون غيثٍ..
دون وعدٍ..
دونما حتى ابتسامَهْ..
وتقولينَ :
أحبُّكْ..
لا تقوليها..
دعي الصمتَ يَقُلْها..
والعَرامة..
في عناق الراحتينْ..
والظما في الشفتينْ !..
لا تقولي لي.. أحبُّكْ..
ودعي الليل.. وعينيكِ..وأشواق الأصابعْ
تتحدثْ.. وتَقُلْها.. المضاجعْ
تغِسلُ النارَ التي في الوجنتينْ!..
لا تقولي لي..
أحبُّكْ !..
موسكو 22/10/1969
كتب شاذل طاقة هذه القصيدة أثناء عمله سفيرا في الاتحاد السوفيتي وأرسلها إلى شاب من أقاربه في بغداد عارضا عليه بظرافة أن ينسبها لنفسه كونها تتلاءم في موضوعها مع حيوية شبابه وصبواته.
قال عنه بدر شاكر السياب "شاذل شاعر كبير أضاعه بقاؤه في الموصل
دواوينهأصدر ديوانه الشعري الأول (المساء الأخير) عام 1950، ثم أصدر ديوانا شعريا مشتركا في العام 1956 تحت عنوان (قصائد غير صالحة للنشر) ضم قصائد لشعراء عراقيين آخرين من مدينة الموصل هم عبد الحليم اللاوند وهاشم الطعان ويوسف الصائغ. وفي العام 1963 صدرت مجموعته الشعرية الثانية (ثم مات الليل) لتليها في العام 1969 مجموعته الشعرية الثالثة والأخيرة (الأعور الدجال والغرباء). ترجمت قصائده إلى العديد من اللغات الأجنبية، وكتبت عن أشعاره دراسات وأبحاث عديدة. كما أصدرت وزارة الثقافة والإعلام العراقية في العام 1977 مجموعته الكاملة التي أعدها وقدّم لها الكاتب العراقي سعد البزاز.
مؤلفاته(تاريخ الأدب العباسي)، عام 1953 وهو دراسة للشعر في العصر العباسي الأول. وقد اعتمد منهجا دراسيا في حينه.
(في الإعلام والمعركة)، عام1969 عن وزارة الإعلام العراقية.
[عدل] وظائفهتقلد مناصب وظيفية رفيعة عديدة حيث عين عام 1963م مديرا عاما ل وكالة الأنباء العراقية بعد تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق مقاليد السلطة في العام 1963. شغل عام 1968م منصب وكيل وزارة الإعلام، ثم سفيرا للعراق لدى الاتحاد السوفيتي، ووكيلا لوزارة الخارجية، ثم أصبح وزيرا للخارجية عام 1974م وتوفي في العاصمة المغربية في العام نفسه أثناء حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط بتاريخ 20 أكتوبر 1974م.
تجربته الشعريةاتسمت تجربته الشعرية بالتجديد وقد ورد في مقدمة ديوانه: (المساء الأخير) 1950 قوله "ان هذا الضرب من الشعر (الشعر الجديد) ليس مرسلا ولا مطلقا من جميع القيود، ولكنه يلتزم شيئا وينطلق عن اشياء.. ولعل من حق الفن ان اذكر ان هذا الضرب ليس مبتكرا، فان جذوره ممتدة في الشعر الأندلسي... "
وعن دور الشعر والشاعر في الحياة، يقول شاذل طاقة في المقدمة ذاتها "لكني أحسب أن الشعر، في هذا العصر، لا يزال له خطره، وأن الشاعر، لا يزال كما كان منذ القدم نبيا بين الناس يرشدهم ويهديهم، ويقوّم ما أعوج من طباعهم وأذواقهم.. ويكفي الشعر هذا فلا حاجة به إلى أن يكون بوقا من أبواق الإصلاح الاجتماعي، يهدف مباشرة إلى خدمة البلاد، فأنه لن يكون حينذاك شعراً، ولن يحق لنا أن نعتبره فنا جميلاً."
يشير الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب في رسالة بعثها إلى شاذل طاقه بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 1963 إلى قصيدة (الدملماجة) التي كتبها طاقه عام 1959 حيث يعتبرها السياب "من أجود الشعر المعاصر".
نماذج من قصائدهوعاد الرجال
سألتُ شجيرة الكافور، :قلتُ :
لعلّها تدري..
بأنا ذات أمسيةٍ
زرعنا فوقها قمراً
صغيراً أسود العينين والشَعْرِ..
أشعلنا له شمعاً وكافورا..
وفدّيناه بالنذر..
فذاب الكحل مبهورا..
وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندر !.
غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم !.
تقول شجيرة الكافور،
فانتظري مع الأحزان والأشواق عودته
ربيعاً آخراً..
يا ليتها تعَلْم..
بأنيّ حُكتُ من ضلعي وسادته
ومن نهديَّ.. والخدّين..
لو يعَلْم..
بأنيّ لن أراه مرةً أخرى..
فإني، يا شجيرته،
ربيعٌ واحدٌ عشناه..
ثم مضى.. مضى.. مَرّا..
حزيناً مَرَّ، يا عيني، وما سَلَّمْ..
خّلفني مع الأحزان والصبر..
ينوسُ بليلنا قمرٌ حزينٌ..
أسود العينينِ والشعرِ !
سُقيتِ.. شجيرةَ الكافور، :إن عادَ الرجال.. وكان بينهمو
حبيبي.. فانثري من فوقه الزهرا
وبُوسيه من الخدّين..
رُشّي فوقه العطرا..
وبوحي بالهوى عنيّ..
وقولي:
إنني ما زلتُ أهواه..
وأحلُم؛
إذ يزور ضفافنا القمر الصغير
مُكحّل الجفنِ..
ينام على الرمال..
يُغازل النهرا..
وقولي: إنني ما زلت أهواه
ومن حبات قلبي.. سوف أطعمه.. وأسقيه
دمي ودموع عيني.. آه يا عيني..
وبالكافور والشمع اللهيب، نذرتُ، أفديهِ
وأدعو الله يَنصره ويرعاهُ..
ويرجعهُ إلى حضني..
سُقيتِ.. شجيرةً الكافور،
لا تَنسَي.. وناديه
أيا ميمونة الغصنِ!
وراح رفاقه المضنون..
ينتحبون في صمت..
وزغردت البنادق مرة أخرّى تودعه..
وحوّم في المدينة طائر الموتِ..
فمالت غرسة الكافور خاشعة..
وطيَّ غصونها قمرٌ يشيّعه..
وطُفِّئتِ السماء.. وغابت الأصوات..
وضاعت آخر النجمات..
ومن أقصَى المدينة جاء الفجر محتدماً
يؤذِّن في الشوارع غاضب الجرسِ
ويغسل مَدْرج الشمس!.
بغداد في 28/4/1968
بدأ شاذل طاقة بكتابة هذه القصيدة أثناء مهرجان الشعر العربي الثامن في القاهرة، وأكملها في بغداد. أرسلت القصيدة إلى مهرجان الشعر العالمي في يوغسلافيا الذي دُعي إليه الشاعر في أيلول 1968، ولكنه لم يتمكن من حضوره بسبب مسؤولياته. كانت القصيدة مسجلة بصوت الشاعر في مكتبة إذاعة بغداد لحين احتلال العراق عام 2003، ولا يعرف مصيرها بعد ذلك التاريخ.
وتقولين: أحبك!
وتقولينَ :
أحبُّكْ..
وتمرّين.. كما مرّت غمامَهُ..
دون غيثٍ..
دون وعدٍ..
دونما حتى ابتسامَهْ..
وتقولينَ :
أحبُّكْ..
لا تقوليها..
دعي الصمتَ يَقُلْها..
والعَرامة..
في عناق الراحتينْ..
والظما في الشفتينْ !..
لا تقولي لي.. أحبُّكْ..
ودعي الليل.. وعينيكِ..وأشواق الأصابعْ
تتحدثْ.. وتَقُلْها.. المضاجعْ
تغِسلُ النارَ التي في الوجنتينْ!..
لا تقولي لي..
أحبُّكْ !..
موسكو 22/10/1969
كتب شاذل طاقة هذه القصيدة أثناء عمله سفيرا في الاتحاد السوفيتي وأرسلها إلى شاب من أقاربه في بغداد عارضا عليه بظرافة أن ينسبها لنفسه كونها تتلاءم في موضوعها مع حيوية شبابه وصبواته.