على النقيض من طابع النجف العربي القوي فقد اتسم تركيب كربلاء الاثني وثقافتها بوجود جاليه فارسيه كبيره جدا في المدينه . وفي مطلع القرن العشرين قدر عدد سكان كربلاء وكلهم تقريبا من الشيعه بحوالي 50 الف نسمه يشكل الفرس منهم 75 % على الأقل . وتقع كربلاء على بعد حوالي 55 ميلا جنوب بغداد .
ولاحظ زوار غربيون انها لم تكن باي حال ترتدي مظهر مدينه عربيه بل كانت عمارتها وأسواقها تعكس التأثيرات الفارسيه . ويوجد في كربلاء مرقد الحسين, نجل علي والامام الشيعي الثالث, ومرقد العباس, أخ الحسين غير الشقيق . ويعرف الحسين بين المؤمنين الشيعه بانه" سيد الشهداء" لأنه قتل متحديا وراثة يزيد بن معاويه للخلافه . وقتل الحسين مع العباس ونفر من صحبه في معركه وقعت في سهل كربلاء عام 680 , وأصبحت المعركه واستبسال الحسين وجماعته الصغيره استبسالا بطوليا أهم حدث في التارخ الشيعي والميثولوجيا الشيعيه . وظهرت كربلاء بوصفها مركز التفاني, وخاصه للمؤمنين الشيعه الفارسيين . فالتقاليد تبارك ماءها وترابها, وتعد المؤمنين بالثواب والأجر من زيارتهم للمدينه ومن الدفن في مقبرتها (وادي الايمان) التي لا تفوقها قدسيه الا مقبرة النجف .
ويبدو أن كربلاء تمتعت بامدادات من الماء أفضل نسبيا من النجف . أمر السلطان العثماني سليمان الأول العام بشق قناة الحسينيه لنقل الماء الى كربلاء, ولكن سنوات من الأهمال أسفرت عن شحة الماء في المدينه, وعلى غرار النجف, قيل عن كربلاء أيضا ان الزوار عزفوا عنها بالكامل تقريبا في أواخر القرن السادس عشر .
ولم تتمتع كربلاء بامدادات منتظمه من الماء الا بعد بناء سد في صدر قناة الحسينيه شيده والي بغداد العثماني حسن باشا (1704 – 1723), وتساعد هذه التطوارات على تفسير السبب في ظهور كربلاء اولا بوصفها أهم مراكز الدراسه الشيعيه في حوالي العام 1737, وليس النجف . لتحل محل اصفهان التي تراجعت بعد الأحتلال الافغاني للمدينه ثم هجرة العلماء الفارسيين الى العراق .
وخلال شطر كبير من الفتره المملوكيه كانت ادارة كربلاء بايدي " سنّه " من بغداد يعينهم المماليك, ومع ازدياد حكم المماليك ضعفا, نجحت تنظيمات محليه تدريجيا في تولي السيطره الفعليه على المدينه, ضامّه اليها ملاك الاراضي وعوائلها التجاريه . وتحالف الزعماء العرب المحليين مع علماء كربلاء, وكانت المدينه بحسب وصف تقارير بريطانيه "جمهوريه شبه أجنبيه ذات حكم ذاتي", مما أثار قلق العثمانيين الذين استأنفوا الحكم المباشر للعراق 1831 , وسعوا الى زيادة المركزية في البلاد . وأدت مقاومة كربلاء ضد العثمانيين الى قيام الوالي نجيب باشا باحتلالها العام 1843 . مما أسفر عن ثلاث نتائج رئيسيه :
أولا , في حين تم اخضاع كربلاء , انصاعت النجف بسلام الى شروط نجيب باشا , مما سمح للمدينه بالاحتفاظ بموقعها الاقتصادي – الاجتماعي والسياسي .
ثانيا , احتلال كربلاء ساعد النجف على الظهور بوصفها مركز العلم الشيعي الرئيسي منذ أربعينيات القرن التاسع عشر مع رحيل وانتقال الطلاب والعلماء اليها من كربلاء .
ثالثا , في أعقاب الانباء التي بلغت ايران عن الاحتلال الدموي لمدينة كربلاء, مارس القاجاريون ضغوطا فعاله على الحكم العثماني لمنح الفارسيين في العراق حصانات . مما أدى الى تحطيم السطوه العربيه وازدياد النفوذ الايراني , لتقع المدينه تحت تأثير فارسي متزايد, وسيطرة العائلات الفارسيه " كمونه " على شؤون المدينه . حتى العام 1917 تاريخ سيطرة البريطانيين عليها .
في حين كانت المدينتين الأخرتين: الكاظمين وسامراء بوضع مختلف نظرا لقرب الكاظمين من بغداد السنّيه, وسكان سامراء كلهم من السنّه تقريبا .
الكاظمين , وتنبع أهميتها من ضريحها الذي يضم مرقد الامام السابع, موسى الكاظم, وحفيده محمد الجواد, الامام التاسع . وكان عدد سكان المدينه الواقعه على بعد ثلاثة أميال شمال غرب بغداد, قد قدّر في اوائل القرن العشرين بثمانية الاف نسمه سبعة الاف منهم من الشيعه . والقسم الاعظم منهم من العرب في حين كان عدد الفرس ألف . وتعزز توجه الكاظمين القوي نحو بغداد في عام 1870 عندما ارتبطت المدينه بالعاصمه بخط ترامواي تجره الخيول . وهكذا كانت سيطرة العثمانيين على المدينه أكبر منها في النجف وكربلاء .
سامراء , وتضم مرقدي الامام العاشر, علي الهادي, وابنه الامام الحادي عشر, الحسن العسكري, كما ويعتقد أنها مسقط رأس الامام الثاني عشر, محمد المهدي, الذي يعتقد الشيعه بغيبته وعودته .
تقع سامراء على بعد 66 ميلا شمال بغداد وكان عدد سكانها حوالي 8500 نسمه في اوائل القرن العشرين . وأغلبهم من السنّه قبل ان ينتقل المجتهد الكبير محمد حسن الشيرازي اليها من النجف العام 1875 .
وأثار انتقال مجتهد شيعي كبير الى المدينه قلق العثمانيين الذين واجههم امتداد المذهب الشيعي بصوره مفاجئه الى المنطقه الواقعه شمال بغداد . والحق أن تدفق الأموال والطلاب الشيعه والزوار على المدينه ثم ممارسة الشعائر الدينيه علنا, عرّض السكان السنّه في سامراء الى تأثيرات شيعيه متزايده . ولا بد ان يكون دور الشيرازي في الاحداث التي أدت الى "ثورة التنباك" في ايران (1891 – 1892 ) قد أذكى مخاوف العثمانيين من حضور الشيعه المتزايد في هذا الجزء من العراق .
ومنذ اواخر القرن التاسع عشر أخذ المسؤولون العثمانيون والعلماء السنه في العراق واسطنبول على السواء يوجهون نداءات متكرره الى اسطنبول للحد من انتشار المذهب الشيعي في العراق .
أقام العثمانيون مدرستين جديدتين في سامراء أولهما (المدرسه العلميه السنيه) عام 1898 وسلمت ادارتها الى شيخ من شيوخ الطرق الصوفيه هو محمد سعيد النقشبندي . كما عين العثمانيون سنيا ليكون سادن المرقد الشيعي مشددين بذلك سيطرتهم على شؤون الشيعه في سامراء . وتضاءلت أهمية سامراء بدرجه كبيره بعد وفاة الشيرازي في عام 1895 . ففي غضون عام من موته رحل غالبية تلاميذه الكبار عن سامراء الى النجف التي أعادت فرض موقعها المتفوق . وحسم تدهور أحوال سامراء بانتقال تلميذ الشيرازي والمجتهد الهام المرزا محمد تقي الشيرازي من سامراء الى كربلاء في عام 1917 . وفقدت المدينه ما كان لها من امكانيه في أن تصبح معقلا شيعيا داخل العراق .
ولاحظ زوار غربيون انها لم تكن باي حال ترتدي مظهر مدينه عربيه بل كانت عمارتها وأسواقها تعكس التأثيرات الفارسيه . ويوجد في كربلاء مرقد الحسين, نجل علي والامام الشيعي الثالث, ومرقد العباس, أخ الحسين غير الشقيق . ويعرف الحسين بين المؤمنين الشيعه بانه" سيد الشهداء" لأنه قتل متحديا وراثة يزيد بن معاويه للخلافه . وقتل الحسين مع العباس ونفر من صحبه في معركه وقعت في سهل كربلاء عام 680 , وأصبحت المعركه واستبسال الحسين وجماعته الصغيره استبسالا بطوليا أهم حدث في التارخ الشيعي والميثولوجيا الشيعيه . وظهرت كربلاء بوصفها مركز التفاني, وخاصه للمؤمنين الشيعه الفارسيين . فالتقاليد تبارك ماءها وترابها, وتعد المؤمنين بالثواب والأجر من زيارتهم للمدينه ومن الدفن في مقبرتها (وادي الايمان) التي لا تفوقها قدسيه الا مقبرة النجف .
ويبدو أن كربلاء تمتعت بامدادات من الماء أفضل نسبيا من النجف . أمر السلطان العثماني سليمان الأول العام بشق قناة الحسينيه لنقل الماء الى كربلاء, ولكن سنوات من الأهمال أسفرت عن شحة الماء في المدينه, وعلى غرار النجف, قيل عن كربلاء أيضا ان الزوار عزفوا عنها بالكامل تقريبا في أواخر القرن السادس عشر .
ولم تتمتع كربلاء بامدادات منتظمه من الماء الا بعد بناء سد في صدر قناة الحسينيه شيده والي بغداد العثماني حسن باشا (1704 – 1723), وتساعد هذه التطوارات على تفسير السبب في ظهور كربلاء اولا بوصفها أهم مراكز الدراسه الشيعيه في حوالي العام 1737, وليس النجف . لتحل محل اصفهان التي تراجعت بعد الأحتلال الافغاني للمدينه ثم هجرة العلماء الفارسيين الى العراق .
وخلال شطر كبير من الفتره المملوكيه كانت ادارة كربلاء بايدي " سنّه " من بغداد يعينهم المماليك, ومع ازدياد حكم المماليك ضعفا, نجحت تنظيمات محليه تدريجيا في تولي السيطره الفعليه على المدينه, ضامّه اليها ملاك الاراضي وعوائلها التجاريه . وتحالف الزعماء العرب المحليين مع علماء كربلاء, وكانت المدينه بحسب وصف تقارير بريطانيه "جمهوريه شبه أجنبيه ذات حكم ذاتي", مما أثار قلق العثمانيين الذين استأنفوا الحكم المباشر للعراق 1831 , وسعوا الى زيادة المركزية في البلاد . وأدت مقاومة كربلاء ضد العثمانيين الى قيام الوالي نجيب باشا باحتلالها العام 1843 . مما أسفر عن ثلاث نتائج رئيسيه :
أولا , في حين تم اخضاع كربلاء , انصاعت النجف بسلام الى شروط نجيب باشا , مما سمح للمدينه بالاحتفاظ بموقعها الاقتصادي – الاجتماعي والسياسي .
ثانيا , احتلال كربلاء ساعد النجف على الظهور بوصفها مركز العلم الشيعي الرئيسي منذ أربعينيات القرن التاسع عشر مع رحيل وانتقال الطلاب والعلماء اليها من كربلاء .
ثالثا , في أعقاب الانباء التي بلغت ايران عن الاحتلال الدموي لمدينة كربلاء, مارس القاجاريون ضغوطا فعاله على الحكم العثماني لمنح الفارسيين في العراق حصانات . مما أدى الى تحطيم السطوه العربيه وازدياد النفوذ الايراني , لتقع المدينه تحت تأثير فارسي متزايد, وسيطرة العائلات الفارسيه " كمونه " على شؤون المدينه . حتى العام 1917 تاريخ سيطرة البريطانيين عليها .
في حين كانت المدينتين الأخرتين: الكاظمين وسامراء بوضع مختلف نظرا لقرب الكاظمين من بغداد السنّيه, وسكان سامراء كلهم من السنّه تقريبا .
الكاظمين , وتنبع أهميتها من ضريحها الذي يضم مرقد الامام السابع, موسى الكاظم, وحفيده محمد الجواد, الامام التاسع . وكان عدد سكان المدينه الواقعه على بعد ثلاثة أميال شمال غرب بغداد, قد قدّر في اوائل القرن العشرين بثمانية الاف نسمه سبعة الاف منهم من الشيعه . والقسم الاعظم منهم من العرب في حين كان عدد الفرس ألف . وتعزز توجه الكاظمين القوي نحو بغداد في عام 1870 عندما ارتبطت المدينه بالعاصمه بخط ترامواي تجره الخيول . وهكذا كانت سيطرة العثمانيين على المدينه أكبر منها في النجف وكربلاء .
سامراء , وتضم مرقدي الامام العاشر, علي الهادي, وابنه الامام الحادي عشر, الحسن العسكري, كما ويعتقد أنها مسقط رأس الامام الثاني عشر, محمد المهدي, الذي يعتقد الشيعه بغيبته وعودته .
تقع سامراء على بعد 66 ميلا شمال بغداد وكان عدد سكانها حوالي 8500 نسمه في اوائل القرن العشرين . وأغلبهم من السنّه قبل ان ينتقل المجتهد الكبير محمد حسن الشيرازي اليها من النجف العام 1875 .
وأثار انتقال مجتهد شيعي كبير الى المدينه قلق العثمانيين الذين واجههم امتداد المذهب الشيعي بصوره مفاجئه الى المنطقه الواقعه شمال بغداد . والحق أن تدفق الأموال والطلاب الشيعه والزوار على المدينه ثم ممارسة الشعائر الدينيه علنا, عرّض السكان السنّه في سامراء الى تأثيرات شيعيه متزايده . ولا بد ان يكون دور الشيرازي في الاحداث التي أدت الى "ثورة التنباك" في ايران (1891 – 1892 ) قد أذكى مخاوف العثمانيين من حضور الشيعه المتزايد في هذا الجزء من العراق .
ومنذ اواخر القرن التاسع عشر أخذ المسؤولون العثمانيون والعلماء السنه في العراق واسطنبول على السواء يوجهون نداءات متكرره الى اسطنبول للحد من انتشار المذهب الشيعي في العراق .
أقام العثمانيون مدرستين جديدتين في سامراء أولهما (المدرسه العلميه السنيه) عام 1898 وسلمت ادارتها الى شيخ من شيوخ الطرق الصوفيه هو محمد سعيد النقشبندي . كما عين العثمانيون سنيا ليكون سادن المرقد الشيعي مشددين بذلك سيطرتهم على شؤون الشيعه في سامراء . وتضاءلت أهمية سامراء بدرجه كبيره بعد وفاة الشيرازي في عام 1895 . ففي غضون عام من موته رحل غالبية تلاميذه الكبار عن سامراء الى النجف التي أعادت فرض موقعها المتفوق . وحسم تدهور أحوال سامراء بانتقال تلميذ الشيرازي والمجتهد الهام المرزا محمد تقي الشيرازي من سامراء الى كربلاء في عام 1917 . وفقدت المدينه ما كان لها من امكانيه في أن تصبح معقلا شيعيا داخل العراق .