أ خواني واخواتي هذه نبذة مفصلة عن قبيلة بني صخر الطائية العريقة نبدئها بهذا السؤال الموجه لعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله:
من طيء كان احد قراء مجلة ((العرب)) وجه الي سؤالا هذا نصه : . . . الى من يرجع بنو صخر في نسبهم ؟ فقد رايت في بعض الكتب انهم من جذام من قحطان .فكان جوابي : ينبغي ملاحظة امور عديدة عند البحث في الانساب . منها أ) ان الاسم الواحد قد يطلق على عدد من القبائل والفروع ، مثل اسد فهو يطلق على قبيلة عظيمة ، اسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر ، وكانت تحل نجدا مجاورة لطيء من الجنوب ولغطفان من الشرق ، ويطلق اسم اسد ايضا على جذم كبير من ربيعة ، اسد ابن ربية بن نزار كما يطلق على فروع قبائل كثيرة مختلفة النسب .(ب) ان اطلاق الاسم على عدد من القبائل والفروع كثيرا ما يوقع في الخطا في ذكر نسب بعضها ، بل قد يسبب التداخل في الانساب والى هذا اشار الهمداني في ((صفة جزيرة العرب)) حيث قال ـ في الكلام على بني جعدة من حمير : (وبنو جعدة هؤلاء فيما يقال الى بعض بطون رعين . وهم اليوم يقولون انهم من جعدة بن كعب ، ولا تعرف هذه البطون في بطون جعدة بن كعب) ثم ذكر فروع جعدة ابن كعب وقال : (وكذلك سبيل كل قبيلة من البادية تضاهي باسمها اسم قيلة اشهر منها فانها تكاد ان تتحصل نحوها ، وتنسب اليها ، راينا ذلك كثيرا) .(ج) ان المتتبع لتنقل القبائل العربية في جزيرتهم ، ثم لانتقالهم منها قل ان يجد ان قبيلة باسرها او فروعا منها اتجهت من خارج الجزيرة من الشام ـ مثلا ـ الى داخل الجزيرة ، بل العكس ، بحيث ان القبائل تتبع في هجرتها وتموجاتها في الجزيرة اتجاها يوشك ان يكون واحدا ، وهو السير من الجنوب الغربي نحو الشمال او من لغرب نحو الشرق . ويستثني من هذا الافراد ـ لا الاسر ولا فروع القبائل ـ فقد ينتقل رجل من الحجاز او نجد الى الجنوب مثلا كما يقال عن انمار واكلب وعنز .مما تقدم يمكن ادراك خطا القول بان بني صخر الذين تنسب اليهم اسر معروفة في نجد وفي شمال الحجاز ـ من قبيلة جذام التي كانت تسكن الشام ، ولم يذكر المؤرخون فيما وصل الينا عنهم انتقال فروع منها الى نجد ، ولا ممن ينتسب اليها من الافراد .ومنشا هذا الخطا هو ما نقل عن الحمداني من ان بني صخر بطن من جذام القحطانية ، مساكنهم ببلاد الكرك من الشام ، وهم الدعجيون والعطويون ، والصوتيون ، وهم احلاف آل فضل من عرب الشام ، ومنهم جماعة بمصر .وقول الحمداني هذا نقله ابن فضل الله العمري في ((مسالك الابصار)) ثم نقله بعده القلقشندي في ((نهاية الارب)) والسويدي في ((سبائك الذهب)) .والواقع ان لحمداني لم يكن محققا ولا خبيرا بانساب سكان الجزيرة ، وانما كان مدير ضيافة (مهمندارا) لدى احد صلاطين مصر في عهد المماليك ، وكان يدون اسماء من يفد على ذلك السلطان من امراء العرب ويذكر اسماء قبائلهم ، ووقعت اخطاء كثيرة فيما نقل عنه ، نجدها في ((نهاية الارب)) وفي ((مسالك الذهب)) .ويظهر ان منشا الخطا في نسبة بني صخر الطائيين الى جذام انهم في عهد الحمداني كانوا ينزلون منازل كانت قديما من بلاد جذام ، في اطراف شمال الحجاز الى بلاد الشام (الاردن الان) او ان الحمداني يقصد بني صخر الطائيين .ويضاف الى هذا ان اسم صخر قد يكون يطلق قديما على فرع من فروع جذام ، كما كان يطلق على غيره ، اذ بنو صخر ايضا بطن من نهد من مذحج منازلهم قرب وادي تثليث ، جنوب الجزيرة . وهناك بنو صخر او صخرة ـ بطن من الاوس من الانصار ، على ما ذكر في ((نهاية الارب)) .
ولكن اشهر من عرف ببني صخر هم الطائيون الذين كانوا قبل ظهور الاسلام يعيشون مع قومهم بني طيء في بلاد الجبلين وما حولهما ، ثم باتساع فروع القبيلة توسعت في البلاد وانساحت نحو الشمال فيما بين تيماء وخيبر والشام ـ كما في ((نهاية الارب)) ونجد الهمداني في ((صفة جزيرة العرب)) يذكر ان (من الحجر الى تيماء في دهناء ثلاث مراحل بطان ، يسكن ما بين ذلك من طيء بنو صخر ، واخوتها بنو عمرو بطن من بحتر) .زجاء في كتاب ((نسب معد واليمن)) لابن الكلبي ـ وهو مخطوط ـ : صخر بن جرم ـ وهو ثعلبة بن عمرو بن الغوث بن يء . وفي كتاب نصر الاسكندري ـ مخطوط ايضا : متالع جبل في بلاد بني جرم ، لبني صخر بن جرم . انتهى .ويكر المقريزي في كتاب ((السلوك)) في حوادث سنة 666 ان بني صخر وبني لأم وعنزة من عرب الحجاز التزموا لسلطان مصر بالزكاة ، فبعث معهم من يقبضها ، وذلك حين استقل الزكاة الواردة من المدينة .وياقوت الحموي في ((معجم البلدان)) يقول ـ وهو في الغالب ينقل عن قائل تقدم عصره ـ : (العردة ـ بالضم ـ ماء عد ، من مياه بني صخر من طيء ، وهو بين العلا وتيماء وجفر عنزة ، في ارض ذات رمل وجبال منقطعة) .والعردة هذه لاتزال معروفة شرق العلا وغرب تماء ، وهي الان من مناهل عنزة ، وصلة بني صخر بقبيلة عنزة قديمة ، فقد تجاورت القبيلتان ، ثم انزاحت بنو صخر نحو الشمال وبقيت فروع من قبيلة عنزة في اماكنها القديمة .وفي القرن الثامن الهجري نجد بنيصخر مسيطرين على طريق الحج الشامي في نواحي العلا ، وقد امتدت سيطرتهم على هذا الطريق الى القرن الثاني عشر الهجري ، ففي سنة 1155 قاموا بنقل حجاج الشام ، ثم قاموا بحوادث مخلة بالامن ، فنهبوا الحجاج ـ كما اوضح ذلك صاحب كتاب ((حوادث دمشق اليومية)) وكما جاء في كتاب ((النفح الفرجي)) ـ المنشور في مجلة ((العرب)) وكان شيخهم في هذا العهد قعدان الفايز .ويظهر ان الرئاسة بقيت في هذا البيت الى عهدنا اذ شيخهم منذ عهد غير بعيد مثقال باشا الفايز .لايزال في الحجاز من بقايا بني صخر فرع كبير ، يعد في الاحامدة يدعى الصخور ، حدثني احد الاحامدة وهو ثقة انهم يرجعون في اصلهم الى اولئك .نكتفي بما تقدم من نصوص المتقدمين المتعلقة ببني صخر وانهم من قبيلة طيء ، واخوانهم بنو عمرو الذين كان يضاف اليهم الجوف فيقال جوف بني عمرو جوف بني عمرو (دومة الجندل) .وتحسن الاشارة الى ان من بني صخر هؤلاء بيوت في نجد ، ومنهم في الرس آل زهير ، زمن آل زهير هؤلاء : الضويان ـ بالضاد المعجمة ـ والصويان ـ بالصاد المهملة ـ والدغيم ، والجاسر ـ المعروفون بالحربش والمحيا والعمير والروضان . وغيرهم .وفي بلدة العلا اسر تنتسب الى بني صخر ايضا .ولقد رايت في احد المؤلفات الحديثة لعالم جليل في ترجمة الشيخ ابراهيم بن ضويان نسبة بني صخر الى جذام ، اعتمادا على قول صاحب ((نهاية الارب)) فيما نقل عن الحمداني . وقد تقدمت الاشارة الى خطا هذا القول .
يعود بنو صخر في نسبهم إلى قبيلة طيء (أنظر لمزيد من التفصيل مثلا كتاب جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد للأستاذ حمد الجاسر، وكتاب معجم قبائل الحجاز للأستاذ عاتق البلادي). وقد ذكرت عدد من المراجع أنهم من بني جرم بن طي، وأنهم كانوا يسكنون مع بقية القبيلة بين الجبلين، ثم انتقلوا مع فروع أخرى من القبيلة باتجاه الغرب. واستقر بنو جوين بن جرم في منطقة متالع الأبيض، أما بنو صخر بن جرم فقد استقروا فترة طويلة في منطقة متالع الأسود (جبل يبعد حوالي 100 كم غرب مدينة حائل)، ثم انتقلوا غرباً إلى شمال تيماء، واستقروا فترة من الزمن في منطقة العلا (أنظر مثلاً كتاب المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب للمغيري، وكتاب صفة جزيرة العرب للهمداني، وكتاب معجم البلدان لياقوت الحموي)،
قال الشيخ محمد البسام التميمي النجدي المتوفى عام 1246هـــ في كتابه ( الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر)
" بنــو صـخـر" ذوو الفــخــر والمــجـــد والــقــدرة والــقهــر.
القول فيهم انهم سابيب السماح, وانابيب الرماح,جهابذة النطق,والرعاة الى طريق الحق والمكرمون نزيلهم والمسبلين جميلهم وذوو محافظة على الحاج الأكبر.ودافعه الخطب بكل يمان وأسمر.
عدد سقمانهم ألف وفرسانهم خمسمائة.