واجب على كل المسلمين
إن جل الأدلة التي يعتمد عليها أولئك المؤلفين الزائفين ، أو كتاب المقالات على مواقع التواصل الإجتاعي ، هي في مجملها أدلة واهية وضعيفة، يستقونها من بعض المصادر الضعيفة التي لا يعتمد عليها المهتمين بعلم الأنساب، والمحققين لهذا العلم ، وجل هذه المصادر لمؤلفين من المتأخرين كثيراً، أو المعاصرين، تشابهت لديهم أسماء الأسر والقبائل مع أسماء قبائل وفروع وبيوتات أهل البيت. فغلب عليهم الظن والوهم والهجس إن أولئك من هؤلاء فأخرجوهم من تلك الأسرة أو القبيلة التي ينتسبون وينتمون إليها، وأدخلوهم في هذه القبيلة، أو ذلك الفرع أو البيت الهاشمي، دون البحث والتأكد والتروي وسؤال العارفين بالأنساب من تلك القبيلة، أو ذلك الفرع أو البيت الهاشمي عن صلة النسب بينهم وبين من تشابهت أسماء القبائل والأسر مع أسماء قبائلهم وفروعهم وبيوتهم وكذلك لا يحاولون التأكد من القبائل المجاورة لسكن هؤلاء المدعين للتأكد من صحة ادعاءهم وبعضاً من هؤلاء المؤلفين أراد إدخال قبيلته، أو أسرته إلى آل البيت دون بينة فيقوم بإدخال عدداً من القبائل والأسر أيضاً إلى آل البيت في الكتاب الذي قام بتأليفه، معتمداً على روايات شفهية لعوام الناس، والقصص العامية التي تكون أقرب إلى الأسطورة الشعبية من الحقيقة، وعبارة عن حكايات تكون ملفقة أو موضوعه، لا ترتقي في مجملها إلى دليل صحيح يؤيد ادعائهم . وتجد منهج التأليف لدى جلّ هؤلاء المؤلفين يخالف كلٌ من:
1- المصادر التاريخية التي عاصر مؤلفوها الأعلام من أهل البيت ودونوا الحوادث التي عاصروها، وذكروا أسماء أبنائهم وذراريهم .
2- مشجرات الأنساب القديمة لآل البيت التي حفظت أنسابهم، وأوضحت فروعهم وبينت المنقرض منهم والمعقب فيهم .
هؤلاء المدعون والملفقون لديهم طرق متعددة لمحاولة تأكيد صحة نسبهم لأهل البيت في الكتب التي ألفوها، أو في المقالات التي ينشرونها على الانترنت، لذا فهم يلجئون إلى أن يجعلوا المعقب منقرض، والمنقرض معقب، ثم يضعون أعمدة نسب لبعض الأعلام توصلهم إلى أحد الأعلام المعروفين والمشهورين بصحة الانتساب إلى أحد من أهل البيت ، ويزعمون إنهم من ذريته. وحينما ترجع إلى المصادر التاريخية والمشجرات القديمة لأنساب أهل البيت وتقف عليها للتحقق من ذلك، تجد إن أعمدة النسب التي وضعها هؤلاء الوضاعون لتأكيد صحة انتسابهم إلى أهل البيت، هي أعمدة وهمية ليس لها ذكر أو وجود في المصادر التاريخية، أو مشجرات الأنساب القديمة لأهل البيت. وهناك من وصل به ضعف الأمانة العلمية والقدرة على البحث والتروي إلى نقل عمود نسب من مصدر ثم يقوم بالتغيير والحذف والإضافة في عمود النسب، ليخرج عمود نسب جديد من عمل يديه ويزعم انه نقله عن ذلك المصدر. وحينما تقف على ذلك المصدر للتحقق من عمود النسب تجد إن عمود النسب الذي يذكره المصدر يخالف عمود النسب الذي ذكره مؤلف الكتاب نقلاً عن ذلك المصدر.
ليت شعري لو علم أولئك المتلاعبون بالأنساب عن حرمة الانتساب إلى النسب النبوي الشريف بالباطل وبغير حق. فلا شك ولا ريب أن الانتساب إلى غير الأب أو القبيلة مما حرمه الله تعالى ، وخاصة البيت النبوي لما يترتب على ذلك من الاستخفاف بالنسب النبوي الشريف وهي حرب على الله ورسوله :
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" .
لقد تناسى أولئك المؤلفون أن هناك الكثيرون في هذا العصر من ذرية أهل البيت لديهم معرفة ودراية بالأنساب، ويميزون الصحيح من الدعيّ، فضلاً عن وجود الكثير من النسابين الثقات من أبناء القبائل الأخرى لديهم معرفة بأنساب أهل البيت. فحري بكل مسلم في هذا العصر الذي كثر فيه المدعين بالانتساب إلى البيت الهاشمي بالباطل، ولديه علم و اهتمام في علم الأنساب أن يقوم بفضح أولئك المدعين، وكشف زيف ادعائهم، خصوصاً نسابة أهل البيت الثقات. لأن آل البيت قد فرض لهم الشارع الكريم حقوقاً شرعية لشرف هذا النسب الكريم. وأن يجعل ذلك العمل، والجهد خالصاًُ لله سبحانه وتعالى، وحباً لرسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم .
إن هؤلاء الكذابين المفترين على النسب الهاشمي لا يدركون عظم عملهم هذا وأنهم قد خلطوا الأنساب دون أن يعرفوا عواقب ذلك ، فلو ادعى أحد أنه ينتمي لشخص ما أو عائلة او قبيلة فإن مشكلته تنحصر مع ذلك الفرد أو تلك العائلة و القبيلة ولكنه عندما يدعي أنه حفيد للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن ذلك يهم كافة المسلمين في العالم بمعنى لو أن رجلا قال أنه " سيد هاشمي " يعني ذلك أنك أمام حفيد للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم فله حقوق عليك كمسلم وعليه واجبات كحفيد للرسول الكريم ، ولكن إن كان ما يدعيه باطلا فإن من الواجب على كافة المسلمين فضح هذا المدعي بالباطل بل يجب اعتباره من الفاسقين والمارقين وكذلك لا بد من محاسبته قضائيا لإنزال العقوبة عليه لكذبه وتدليسه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإستهزاء بالنسب الشريف .
قال الله تعالى :
"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ"
وعليه فإن النسب لدى الأمم يختلف باختلاف الأزمان والأقطار ، ولكن نحن نعيش في زمن لا بد من وجود ما يقطع الشك باليقين في الانتساب من عدمه ، ولذلك نجد أن إثبات النسب وأخص النسب العلوي الهاشمي الشريف يختلف من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان وسوف أفرد هنا بعض شروط إثبات النسب التي لا تدع مجالاً للشك والله تعالى أعلم .
( وللعلم أن علماء النسب أول ما ينظرون إليه هو الشهرة الأجيالية والمكانية والزمانية ومن ليس لديه شهرة معتبرة فإنه يولد الشك في الإنتساب ، والشك في الشهرة وعمود النسب وإن كان بسيطا إلاّ أنه يسقط صحة النسب وبالأخص النسب العلوي الهاشمي ولهذا فإنه من واجب النسابة هو طرح هذا النسب جانبا ولا يعتمدونه خوفا من الدخول في الكذب بالإنتساب للنبي الأكرم دون وجه حق ، وكذلك لا تعطى شهادة النسب لمن يخشى أن يستغل ذلك في ايذاء الآخرين أو للوجاهة والتكبر على الناس أو استغلال النسب للاستفادة الشخصية والمكاسب المادية وكذلك لا يجوز أن تمنح الشهادة لمن يحمل صفات الفاسقين والمارقين وأهل الإسفاف والخلق السيء ومن يرتكبون المعاصي والكبائر وذلك إكراما لنسب النبي الذي يستوجب على من يحمله أن يصون شرف الإنتماء لسيد الخلق ولأهل بيته ) .
الشروط التي أتفق عليها النسابون هي ثلاث شروط:
أولاً : وجود خط نسب معتبر وموثوق ، أو وجود وثائق ومخطوطات تدل على الانتساب ويجب أن تكون قديمة و ممهورة أي مختومة ومعلوم من هو الشخص الذي كتبها ومن شهد عليها .
الثاني : الشهرة والاستفاضة ، وهذا من أهم الشروط حيث أن الشهرة والاستفاضة لا تأتي بيوم أو ليلة وإنما تأتي بمرور السنين وهذا ما فضح بعض الأدعياء من الشيعة والسنة في انتسابهم لهذا النسب الهاشمي الطاهر الشريف ، والشهرة والاستفاضة تكون بانتشار نسب العائلة في المنطقة التي أقاموا فيها فترة من الزمن وكذلك في موطن آبائهم وأجدادهم الأصلي بحيث تكون كافية لشهرتم واستفاضة أمرهم في انتسابهم لقبيلة معينة ، وهذا كثيراً ما يتبين لدى من استقروا وكانوا حكاماً ومن دخلوا في أحلاف مع القبائل الكبيرة وذاع صيتهم بأنهم سادة أشراف ، فهذا لا يجعل مجالاً للشك في انتسابهم.
الثالث : اعتراف الأصل بالفرع ، بمعنى لو أتت عائلة مكونة من مئة شخص ونسبت نفسها لقبيلة فلا بد أن تعترف بهم القبيلة بالإجماع إن لم يكن لهذه القبيلة شيخ أو باعتراف شيخ القبيلة بهذه العائلة وممهورة من شيوخ قبائل معروفة وكبيرة مجاورة لهم فهذا أيضاً من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر وهي من أقواها لأن الأصل لا يرغب أن يُلحق به إلا فرعٌ صالح وثابت النسب وليس دخيلاً عليه.
ومما يؤلم له أنه في بعض العائلات التي ادعى بعض أفرادها أنهم ينتسبون للنسب العلوي الهاشمي الشريف هناك من لا يتفق مع بقية المدعين من عائلته ولكنه يلتزم الصمت ولا يحاول أن يقف بوجه هؤلاء المدعين بالباطل والعابثين في الأنساب خشية سطوتهم أو الوقوع في الحرج ولكن الله أحق أن يُخشى وبهذا أصبح شريكا في الإثم وشيطان أخرس فسكوته عن دحض الباطل يصب في صالح ذلك الباطل ويقويه .. " أليس منكم رجل رشيد " .
وكلمة أخيرة نقولها لمن زور وعبث بنسبه والتحق بالنسب الهاشمي الشريف دون وجه حق ... نقول له اتق الله وارجع إلى ما كنت عليه واحفظ نفسك وعائلتك وأبنائك من غضب الله واعلم أن الله بالمرصاد وقد حفظ نسب نبيه ، وتذكر قول الله :
"ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون " .
" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم " .
عدل سابقا من قبل حيدر المالكي في الثلاثاء يوليو 15, 2014 8:29 am عدل 2 مرات (السبب : اضافة هامة)