عراقي من أصل عربي سوري تسحب منه الجنسية العراقية
قبل يومين (أي الأربعاء - 10/3/2011) اتصل بقناة (الرافدين) الفضائية من الأنبار شخص يكنى بـ(أبو علي) وصدم أذني بالمعلومات التالية:
نحن عرب مجنسون بالجنسية العراقية منذ 1975، قطعت عنا أخيراً الحصة التموينية، ولما استفسرنا عن السبب أخبرونا بضرورة مراجعة دائرة الجنسية في بغداد لسحب الجنسية العراقية منا وتركنا هكذا بلا هوية.
تبين من أسئلة الأخ مقدم البرنامج لأبو علي أنه عربي من سوريا، وأن عدد العوائل العربية المجنسة في الأنبار وحدها يبلغ (650) عائلة. وتوجد عوائل عربية كثيرة في بغداد والموصل مجنسة بالجنسية العراقية، وأنهم مندمجون كلياً بالمجتمع العراقي لهجة وتقاليد وعلاقات، ولهم ما للعراقيين بحكم القانون سواء بسواء. ويتساءل الأخ أبو علي بمرارة عن مصيرهم وحالهم إذا نفذت الحكومة بحقهم هذا القرار؟ وأين سيذهبون؟ ويستنجد بالقناة لإيصال صوته إلى المنظمات العربية والعالمية ذات الشأن.
إيراني تمنح له الجنسية العراقية
في مقابل هذه الصورة تبرز أمامنا صورة أخرى على الطرف الشرقي من العراق: إيرانيون بمئات الآلاف يتوطنون البلد تحت سمع وبصر وتشجيع الحكومة، وتمنح لهم الجنسية العراقية!
فإذا رجعنا إلى الدستور الذي سلب العراق هويته العربية رغم أن نسبة العرب فيه تنوف على (80%) من نسبة السكان، توضح لدينا الإطار العام للصراع ووجهته الرئيسة، وأن الحكومة الشيعية الطائفية التي تحكم العراق اليوم ظالعة في هذا الصراع إلى جانب إيران، وأنها إحدى أدواتها.
حدثني مدير أحد منظمات المجتمع المدني أن مليون إيراني سكنوا محافظة العمارة بصفة لاجئين! نعم قد يكون العدد مبالغاً فيه أو لا يكون، ولكن لا دخان من دون نار. وكتبت في ذلك دراسات وبحوث وانطلقت صيحات تحذر من "تحركات وجهود داخلية واضحة في العراق بدأت مؤشراتها بالظهور تنبيء بأن الأحزاب والتيارات الطائفية التي تخطط لإدامة هيمنتها رقم فشلها المريع في إدارة الوضع العراقي قد وضعت خططها الستراتيجية المدعومة بالخطط الجاهزة التي هيأتها الدوائر الإيرانية المسؤولة عن الملف العراقي لإحداث متغيرات ديموغرافية مهمة في الوضع العراقي وفي النسيج الإجتماعي للشعب العراقي من خلال إستغلال ملفات الفوضى التي تركها النظام السابق". وتصف ما يجري بأنه عملية (تفريس للعراق) "عبر تعريب الأجانب و تجنيسهم في واحدة من أكبر القنابل الموقوتة في طريق المستقبل العراقي الضائع"([1])!
وقد مررت مادة من اخطر المواد الدستورية وهي المادة الثامنة عشرة من الدستور. والتي تنص على ما يلي: (العراقي هو كل من ولد من اب او ام عراقية وينظم ذلك بقانون). أي ان العراقي ليس كل من ولد من اب عراقي الجنسية والاصل كما هي عادات العراقيين وتقاليدهم التي يعرفون بها اصولهم وهويتهم الوطنية والعشائرية والعائلية([2]). وهذا يعني أن مجرد تزويج الإيراني من امرأة عراقية (وقد تكون إيرانية الأصل) يعطي الجنسية العراقية لأولادهم الإيرانيين! وفي هذا خطر عظيم يتهدد مستقبل العراق والعراقيين؛ إذ تعطي هذه الجنسية (المزورة) للإيراني الفرصة ليسرح ويمرح ويتحكم ويتآمر ويفعل ما يشاء في العراق، مع امتلاك الغطاء القانوني لتحركه؛ فهو (عراقي) بحكم الجنسية، له ما للعراقي من حقوق، بينما هو في الحقيقة (إيراني) حاقد متآمر. إن هذا سيخلق آلاف الجواسيس الإيرانيين يتحركون على أرض العراق بجنسيات عراقية.
فأي مؤامرة إيرانية خطيرة تنتظر أجيالنا القادمة؟!
ولا يقتصر هذا الخطر على جانب الإيرانيين فقط، وإنما تعمل بقية القوميات غير العربية في العراق جاهدة على استغلال هذا القانون لتجنيس أفراد قومياتهم من رعايا الدول الأخرى.
هذا والعمل على ذلك جار في دوائر الجنسية داخل العراق، وكذلك خارجه من خلال سفاراته في العالم التي يسيطر عليها موظفو الحكومة الطائفية الشعوبية، والتقارير تتحدث عن صفقات خطيرة تجري في داخل تلك السفارات لمنح الجنسية والجواز العراقي للإيرانيين وغيرهم. في الوقت الذي تسلب الحكومة الجنسية العراقية من العرب الذين استوطنوا العراق منذ عشرات السنين!
التغيير الديموغرافي قديم
إن هذا دليل آخر يضاف إلى مئات الأدلة على طائفية الشيعة وتبعيتهم وولاءهم لإيران، ولذلك سببان رئيسان:
1. الاشتراك في المذهب أو الدين الشيعي الواحد
2. وأن كثيراً من الشيعة (العراقيين) هم في الأصل إيرانيون امتلكوا الجنسية العراقية أيام الاحتلال الانجليزي عن طريق قوانين تعسفية جاهلة شرعت في تلك الفترة. فقد تحدث إسحاق نقاش عن كيفية اكتساب الفرس الجنسية العراقية عن طريق سن قوانين تنظم ذلك، أولها قانون الجنسية العراقية الصادر في عام 1924 الذي اعتبر الفرس رعايا عراقيين بصورة تلقائية ما لم يتخلوا بأنفسهم عن الجنسية العراقية بطلب منهم ضمن موعد محدد([3]).
كما تحدث عن أعداد كبيرة للإيرانيين في النجف وكربلاء وغيرهما من مدن العراق الشيعية نسبة إلى ذلك العهد. فقد ذكر أن عدد الفرس في العراق قدر عددهم في إحصاء 1919 البريطاني بثمانين ألف فارسي. ثم قال: (لربما حتى أكثر من ذلك إذا ما أخذ المرء في الاعتبار الكثير من الزيجات المختلطة)([4]). وأن عدد سكان النجف الشيعة قدر عددهم بحدود (30) ألف نسمة في أوائل القرن العشرين. لكن تدفق الزوار بصورة دورية كان يضاعف هذا العدد أكثر من مرتين في أغلب الأحيان. وكان الفرس يشكلون ثلث سكان المدينة([5]). وهذا العدد كبير نسبة إلى عدد الشيعة حيننذاك؛ إذ يشكل نسبة تقارب الـ(10%) من مجموعهم الكلي في العراق. وهو يعادل سكان النجف يومها ثلاث مرات تقريباً! أما في كربلاء فقد ذكر أن الفرس كانوا يشكلون زهاء (75%) من سكان المدينة عشية الاحتلال البريطاني، والعرب أقل من الربع([6])، وكانوا يتواجدون بأعداد كبيرة أيضاً في بغداد والبصرة وطويريج([7]).
هكذا تعرضت ديموغرافية العراق إلى الاختلال وإلى التغيير الخطير على مدار تاريخها. وذلك أحد الأسباب الجوهرية التي أدت إلى وقوعه تحت الاحتلال، كما أنه أحد الأسباب الأساسية في عدم استقرار هذا البلد، واستمرار مفعول التآمر الخارجي، وعلى رأسه الإيراني، إذ يجد بيئة مناسبة لاحتضان المؤامرة من قبل كتل بشرية كبيرة تعد بالملايين تنتسب إلى العراق، ولا تشعر بالانتماء إليه، بل ولاؤها لإيران، ولا تجد مانعاً نفسياً يحول بينها وبين التعاون مع أي دولة أجنبية ضد البلد الذي تستوطنه، وتمتلك الوثيقة القانونية التي تمنحها حق الانتساب إليه والعيش فيه. وهكذا تتعرض هذه الديموغرافية مرة أخرى إلى التغيير اليوم على حساب هوية العراق العربية لصالح هويات أجنبية شعوبية.