في إيران من السادة أُسر كثيرة كبيرة تستعصي على الحصر ، تدعي النسبة إلى النسب العلوي .أن أعدادهم تصل إلى 400 بيت ، كما قاله المرعشي النسابة . و في هذا المقال سنتعرض لذكر بعض البيوتات المشهورة النسبة للبيوت العلوية مع ذكر طرف من أخبار الدعاوى القديمة والجديدة في أقاليم إيران ، و من خلال ذلك يمكن تكوين صورة تقريبية عن أنساب العلوية في إيران .
يكاد أن يلتقي المرء في كل مدينة بل في كل قرية أسرة أو أُسر تنتسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه . بل إنّ بعض القرى – كما يذكر – كلّ أهلها من السادة ، كما هو شأن ( قَدَمگاه في نيشابور ) ، و إحدى قرى كردستان إيران !
و هناك أُسر مشتهرة بإضافة لفظة ( مِير ) إلى ألقابها ، فتتحصل على لقب السيادة وتنتسب إلى العلوية ، مثل: مير سپاسي، ومير مغربي، ومير فِندِرسكي، وميرداماد.. ، وغيرها كثير. و جدّهم الأعلى هو السيّد أمير جائي . و قد تكلمنا في بحث " الألفاظ الدالة على الشرف والسيادة " على مدى دلالة لفظ " مير " للسيادة والشرف ، فراجعه .
و لا خفاء أنّ المنتسبين للسيادة في إيران لهم تقدير واحترام خاص ، غالبه ناتجٌ من سدانة الأضرحة و المزارات عند المنتمين للسيادة ، و هذا الطريق من أهم أسباب حيازة الأنساب هناك . و من هؤلاء من يرتزق و يكتسب من السدانة و المشاهد ، و لا يعدم هؤلاء من وضع أنسابهم بأشكال مناسبة تليق بمهام السدانة . و هذه المشاهد و الأشرحة من أهم أسباب انتشار البيوت المنتسبة للعلوية ، فتجدها منتشرة حيثما وجدت المزارات و الأضرحة ، بل يتعدى ذلك إلى خارج إيران ، فتجد وجود أسر أخرى في مشاهد العراق .
و الناس يطلقون على الرجل منهم لقب ( آقا ) وعلى المرأة ( بِي بِي ) ، حتّى لو كانوا من الطبقات الاجتماعية المتدنّية التي لا تكاد أن تعرف ، و قد تطرق الموقع في بحث " الألفاظ الدالة على الشرف و السيادة " للكلام على هذا اللفظ ، فراجعه .
و في مدينة مشهد أُسر من السادة يصل عدد أفراد بعضها إلى بضعة آلاف، منها: السادة الرضوية الذين يجمعهم أصل واحد بالسادة الرضوية في قم وشيراز. ومنها: أسرة (شهيدي) من أبناء الميرزا مهدي شهيدي أحد تلاميذ الوحيد البهبهاني، ويتّصل نسبه بـ ( شاه نعمة الله ولي ) الذي تُعزى إليه الطريقة الصوفيّة الغالية المعروفة باسم (الطريقة النعمة اللهيّة ) .
و في مشهد أيضاً من هذه الأسرة مَن تحمل ألقاب ( الحسني ) و ( السجّادي ) وسواها كثير.
و في قم أُسر السادة الرضوية والسادة البرقعيّة ( من أبناء موسى المبرقع ابن الإمام محمد الجواد عليه السّلام ) . و من هذه الأسرة الشيخ البرقعي ، و هو صاحب كتاب " كسر الصنم " – و هو ردٌ على كتاب أصول " الكافي " للكليني من جهة القران والعقل – أحسن فيه وأجاد ، رحمه الله وعفا عنه .
و في قم أيضاً أسرة المرعشي . منهم مرعشي نجفي أحد مراجع التقليد السبعة في وقته بإيران . قال الفيلسوف عبدالرحمن بدوي :" و آل المرعشي يدَّعون الانتساب إلى الإمام الحسين بن علي . و قد كانوا يعيشون ويحكمون أولاً في شمالي العراق ، ثم انتقلوا إلى مدينة الري ( طهران ) و إقليم مازندران ، حيث كان منهم النقباء ( أي رؤساء الأشراف و هم الذين يدعون أنهم من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) . وعن طريق المصاهرة و خوض الحروب و القيام بالدعوة الدينية صاروا أمراء إقليم طبرستان من سنة 760 م إلى 1007 م ، وبلغ عدد الأمراء منهم خمسة عشر أميراً ، أولهم يدعى قوام الدين ، ويلقب بلقب " مير بزرج " ( = الأمير الكبير ) ، وقد بدأ حياته درويشاً ، أي صوفياً ، و استطاع أن يجر إليه الأتباع العديدين من عامة الشعب . و صار آل " المرعشي " متولين على ضريح الإمام رضا في مشهد . وفي عهد الصفويين عمل بعض آل المرعشي وزراء للملوك الصفويين ، و تزوجوا منهم : بنات شاه عباس الثاني و شاه طهماسب الثاني و شاه سليمان و شاه سلطان حسين . و استمروا في وظيفة " متولين" على ضريح الامام الرضا في مشهد " أهـ1.
و قد انتقل بعض هذه الأسرة الآملية الأصل إلى الهند قديماً ، كما أخبر عنه المرعشي النسابة في بعض تآليفه . و قد كانوا في وقت مضى يتسمون باسم " سادات بني الخليفة " بمحلة كلبار ، دار السلطنة بأصفهان . قال الخوانساري في " الروضات " عنهم :" و سادات بني الخليفة إلى الآن معروفون بأصفهان ، يأكلون من قليل ما بقي من بركات أوقافه الكثيرة على الخاص والعام ( يعني خليفة سلطان حسين بن الميرزا رفيع الدين المترجم له ) إلا إنهم غير متملكين حظاً من الفضيلة والكمال بل نصيباً من المنزلة والمال ، وفي بعض المواضع الطعن على نسبهم أيضاً ، كما عن بعض المناقشة في تورع أبيهم المعظم إليه عن بعض عمل الشيطان ، وعن ثالث التنظر في درجة الاجتهاد ، والله العالم " . أهـ 2
و في إصفهان هناك أُسرة : العاملي التي منها آية الله خادمي ، وأسرة الرَّوضاتي أعقاب السيّد محمّد باقر مؤلف كتاب( روضات الجنّات ) ، و هذه الأسرة تعرف بالروضـاتي نسبة لكتاب جدهم " روضات الجنات " . و من أهل أصفهان المنتسبة للعلوية : أسرة الميردامادي من أخلاف الفيلسوف الشهير محمد باقر الاسترآبادي المشتهر بـ ( الميرداماد ) ، و الأبطحي، والبهشتي، والتنوابي أسرة سلطان العلماء، و الميرفندرسكي ذريّة الميرفندرسكي، والميرلوحي.. وغيرها من الأسرالكثيرة .
و ينتشر السادة أيضاً في شيراز وكرمان ويزد وشوشتر وخوزستان ، منهم أسرة نعمة الله الجزائري ( توفي سنة 1112 هـ ) الذي أعقب أعداداً ضخمة يسكنون في إيران والعراق . و هو ينتسب من جهة موسى الكاظم ، و لم ينص ابن عنبة رحمه الله تعالى على ذكر أصوله التي ينتسب إليها في " عمدة الطالب "! و قد ألفت شجرات عديدة لهذه الأسرة الجزائرية وصلت فيها أنسابها إلى موسى الكاظم !
و في عبادان و عربستان ، و ما حولها كـ" خلف آباد " و ما قاربها توجد فروع للمشعشعيين تنتسب للبيوت العلوية ، ونسب المشعشع محمد بن فلاح مما اختلف فيه متأخرة الرافضة الامامية ، كعبدالعزيز الجواهري في " آثار الشيعة الامامية " ، و الأميني في كتاب " الغدير " و " شهداء الفضيلة " ، حيث ذكر أنه من ولد أحمد بن موسى الكاظم مع أن أحمد ميناث كما في " عمدة الطالب " لا بن عنبة الحسني ، و منهم من وصله بأبي جعفر عبدالله بن موسى الكاظم ، و منهم من وصله بمحمد العابد بن موسى الكاظم ، و الكلام في أنساب " المشعشعين " يحتاج إلى تفصيل وتذييل لا يليق بهذا المقال المختصر . و يوجد من المشعشعين طائفة بالعراق ، ألف فيهم جاسم حسن شبر كتاب " مؤسس الدولة المشعشعية " .
و يقطن في طهران أُسر السادة " أخَوان " ، و هم أدعياء كذابون فضحهم و أبطل نسبتهم الأعرجي الحسيني الامامي في كتابه " مناهل الضرب " ، و قد كان مسكوتاً عنهم حتى أظهروا عمود النسب الذي طبعوه على كتاب " الكافي " للكليني . قال الأعرجي في " مناهل الضرب " : " .. ، ومن الأنساب الباطلة الفاسدة نسب هؤلاء القوم المعروفين بـ" الأخويّين " بـ" الري " – الري : هي طهران اليوم – ، وهم : بنو الحسن المعروف بـ" الأخوي " ، فإنهم رفعوا في نسبهم إلى عمران بن موسى المبرقع ، ولم يكن لموسى المبرقع ابنٌ اسمه عمران ، لا معقب ولا غير معقب إتفاقاً ، وصورة نسبهم ، وقد طبعوه على ظهر فروع " الكافي "3 ، و أكثروا فيه من الألقاب ، وأطنبوا فيه بمحاسن الأوصاف ، وهذا عموده :
" الحسن أخوي بن الحسين بن جعفر بن صالح بن جعفر بن صالح الدين بن طاهر بن مير بن يحيى بن غياث بن عبدالله بن عبدالعظيم بن مير يحيى بن مير طاهر بن عماد الدين بن كسرى بن عمر بن عماد بن أبي طاهر بن موسى بن حمزة بن منوجهر بن مير يحيى بن جمال الدين بن أبي طاهر بن عماد الدين بن عمران بن موسى المبرقع " .
و كانوا قبل إظهار هذا النسب وطبعه مسكوت ( كذا ) عنهم ، ويقال : ظاهرهم الانتساب ، ولما أظهروا هذا النسب افتضحوا بين أهل العلم ، وجزم كل من وقف عليهم بهذا النسب بنفيهم وفساد نسبهم ، لما قرر من انحصار عقب موسى المبرقع بـ:" أحمد " ، وانحصار عقب أحمد بـ:" محمد الأعرج " ، والله المستعان " أهـ 4.
و في طهران أيضاً ممن ينتسب للعلوية أسر : الجزائري، والطباطبائي، والإمامي، والبهبهاني، والشيرازي ، وغيرهم .
وفي تبريز أُسر من السادة الطباطبائية ( أسرة محمد حسين الطباطبائي مؤلّف: الميزان في تفسير القرآن ).. و هؤلاء ينقسمون إلى قسمين: القضاة وشيوخ الإسلام في عهود إيران المتأخرة . و قد كان رجال القسم الأول قضاةً خلَفاً عن سلف، ورجال القسم الثاني يتوارثون منصب المفتي الأعلى ( شيخ الإسلام ) في تبريز .
و من الأسر المنتسبة للعلَوية في تبريز أيضاً: أسرة الأنگجي، والشهيدي، والحسيني وسواها .
و توجد في بروجرد الأسرة الطباطبائية ، التي منها المرجع حسين البروجردي . وجدّهم الأعلى هو محمّد الطباطبائي .
يتبع …
_______________________________
1 سيرة حياتي ، لعبدالرحمن بدوي ( 2 / 308-309 )
2 ( 2 / 339 ) طبعة : الدار الاسلامية ، بيروت .
3 تأليف محمد بن يعقوب الكليني ، " نسبة إلى كُلين : قرية من قرى الري " ، شيخ الرافضة في وقته ، والمصنف لهم في عقائدهم الباطلة ، توفي ببغداد سنة 329 هـ .
4 422 – 423 .