الفرس ، وضعت الكثير من الروايات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، في كل ضرب من ضروب العلوم ، وسوف اختار اليكم هنا أحد المهازل التاريخيه التي تدعيها فارس من زواج الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) من شاه زنان الفارسية !!! وسوف نفند هذا الراي .
كثير من الروايات التي سطرها الأعاجم ماانزل الله بها من سلطان ، حيث كانت تنهش في جسد الدولة الإسلامية ،ولكن عند أهل التحقيق ثبت بطلان الكثير من الروايات الصفويه التي شوهت الشيعة العلوية وأمهات المؤمنين ( رضى الله عنهن جميعا ) ، وأهل البيت ( عليهم السلام) الذين أوصونا بمحبة أمهات المؤمنين والصحابة على حد سواء ، وهذا واضح لدى المتتبع لإخبار أهل البيت عندما يسمون أبنائهم بأسماء الصحابة حبا منهم ، لذا برز التصحيح في الكتب المسماة أمهات الكتب ، وفرز الخزعبلات منها ( هذا لايعني فقط الشيعة الصفوية ) وأنما عموم الأحاديث التي تخالف الكتاب والسنة والعقل والتاريخ .
وفي هذه الدراسة بالرغم من الحساسية والخطورة التي فيها لكن يجب علينا تشخيص هذه الحالات وأهدافها ورميها إلى مزبلة التاريخ ، بغض النظر عما تؤول إليه النتائج المترتبة عليها ، لأن مخافة الله هي الأولى أولا والحقيقة ثانيا وبراءة أهل البيت ثالثا .
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( رضى الله عنهم ) ، يسمى زين العابدين ( السجاد ) ذي الثفنات وأختلف في أمه فالمشهور أنها شاه زنان بنت كسرى يزدجر بن شهريار بن برويز ، وقيل أن اسمها شهربانو قيل نهبت في فتح المدائن فنفلها عمربن الخطاب من الحسين (رض) ، وقيل بعث حريث بن جابر الجعفي إلى علي بن أبي طالب (ع) بنتي يزدجر بن شهريار فأخذهما وأعطى واحدة لابنه الحسين (ع) فأولدها علي بن الحسين (ع) وأعطى الأخرى لمحمد بن أبي بكر (رض) فأولدها القاسم الفقيه بن محمد بن أبي بكر الصديق (ع) فهما أبناء خالة ، وقال ابن جرير الطبري : أسمها غزالة وهي من بنات كسرى ، وقال في المبرد هي سلافه من ولد يزدجر كانتا معه حين ذهب إلى خراسان ، وقيل إن أم زين العابدين (ع) .
وقد علق الدكتور عبد الجواد آل طعمه على ذلك قائلا (1) :- (( وقد أغنى الله تعالى علي بن الحسين (ع) بما حصل له من ولادة رسول الله (ص) عن ولادة يزدجر بن شهريار المجوسي المولود من غير عقد ، ... وروايات الشيعة على إن علي بن أبي طالب (ع) أعتقها ثم زوجها لولده بالنكاح وجعل لها مهرا ، وقال علي بن الحسين (ع) أنا بن الخيرتين لان ملوك العجم خيرهم .
والعرب لاتعتد للعجم فضيلة وأن كانوا ملوكا ولو اعتدوا بالملك فضيلة لوجب أن يفضلوا قحطان على عدنان ولكن ليس ذلك عندهم شيء يعتد به ، وبعض العوام يقولون جمع علي بن الحسين (ع) بين النبوة ( من رسول الله ) والملك أي ( كسرى ) وليس ذلك بشيء ولو ثبت على ماعرفته .
وكان علي بن الحسين (ع) يوم ألطف مريضا ومن ثم لم يقاتل حتى زعم بعضهم انه كان صغيرا وهذا لايصح ، قال الزبير بن بكار كان عمره يوم ألطف ثلاثا وعشرين سنة وتوفي سنة 95هـ وفضائله أكثر من أن تحص )) .
يتضح مما تقدم أن هذه الرواية كذلك متداولة عند غير الصفويه ، ولكن لنرى هدف الصفويه من ذلك ، وبعدها تفنيد هذه الاكذوبه التي يتناقلها الكثير من المؤرخين وأرباب المقاتل والسيير ، ولكن هذه المرة شهد شاهد من أهل الدار وهو الدكتور علي شريعتي (2) ووضع عنوان :-
عروس المدائن في المدينة
قال : (( يروي ألمجلسي في بحار الأنوار ج11ص -4 بعد نقل أخبار حول زواج الحسين (ع) مثيرة للغثيان - أن والدة الأمام هي بنت يزدجر التي جيء بها أسيرة في زمان الخليفة عمر ، وقد أعجب بها الأمام الحسين (ع) ، وتزوجها فولد له منها أبن واحد هو الأمام السجاد ( علي بن الحسين رض) (3) .
ومن جهة نحن نعلم ان علي بن الحسين (رض) ولد عام 38هـ ، أي بعد عشرين عاما من زواج أمه من الأمام الحسين (رض) !!!!!! .
وقد صرحت هذه القصة بأن ( شهر بانوا ) كانت من أسرى فتح المدائن ، وأن عمر كان ينوي قتلها ولكن الأمام علي (ع) هو الذي أنجاها من الموت ، وواضح جدا أن واضعي هذه القصة هم من أنصار الشعوبية الإيرانية وأنهم أرادوا من ذلك أظهار أن عليا (ع) كان يساند الساسانيين ويدافع عنهم وذلك في مقابل عمر الذي كان عدوهم وهازم جيوشهم .
غير أن هؤلاء فاتهم أنهم حينما أرادوا أثبات ان الإمام السجاد (ع) هو حفيد يزدجر وأمه شهر بانوا ، أوقعوا أنفسهم في أشكال تأريخي عويص وهو لزوم ان يكون الحسين (ع) تزوج في 18هـ ( حينها عمره 15سنة ) بينما الإمام علي بن الحسين (ع) ولد عام 38هـ ، ومن المنصوص عليه أنه لم يولد له من شهر بانوا سوى السجاد ، وهذا يعني أنها لم تلد من الأمام الحسين (ع) إلا بعد مضي عشرين عاما .
غير أن ألمجلسي عندما تنبه إلى هذه المشكلة بالرواية حاول ترقيعها بالقول أنه ليس من المستبعد أن تكون كلمة (عمر ) الواردة في الرواية تصحيفا لكلمة عثمان (رض) فيكون الزواج قد تم في عهد عثمان لافي عهد عمر !!!!!!! .
والواقع هذه المحاولة – إذ قبلت – فأنها سوف تحل أشكال التفاوت الكبير بين وقت الزواج ووقت الولادة ، ولكن إشكالا آخر أكثر إحراجا سوف يظهر فيها وهو طول المسافة الزمنية بين انكسار جيش يزدجر وبين أسر بناته !!! هذا مضافا إلى الرواية تضمنت التصريح بأن الأسرى هم أسرى ( المدائن) فهل يقول ألمجلسي أنها مصحفة أيضا ؟!!!!! .
ويسوق ألمجلسي روايته عن أسماءها ( شهر بانوا ) وكذلك القصة الكاملة (( بيان اسم أم الأمام وهل هي سلامة أو خولة أو غزالة أو شاه زنان أو ..... فيقول أنهم جاءوا ببنت يزدجر إلى المدينة وما أن وقعت عينها على عمر حتى غضبت وسبت عمرا فسبها هو أيضا وأمران تباع شأن سائر الأسرى فأعترضه أمير المؤمنين بالقول أن بنات الملوك لاتباع وتشترى وأن كانوا كفارا ، وأشار عليه بأن يزوجها رجلا من المسلمين ويدفع صداقها من بيت المال !!!
وفي ذيل الرواية المنسوبة إلى الأمام الصادق (ع) . نصغي للحوار الأتي بين الأمام علي وابنة يزدجر :
فقال
جه نام داري أي كنيزك )) ؟ يعني ماأسمك ياصبية ؟!!
قالت : جهان شاه
فقال : بل شهر بانويه
قالت : تلك أختي
قال : (( راست كفتي )) أي صدقت ......!!!!
ويبدو أن الناقل ( أو المختلق ) لهذه الرواية لم يكن يدري إن الأمام علي (رض) حتى لو سلمنا أنه تحدث معها الفارسية إلا أن اللغة التي كان سيحدث بها لم تكن مفهومة عند بنت يزدجر وذلك لان علي (ع) يتحدث باللهجة الفارسية الدرية وهي لهجة محلية لأهالي خرسان بينما كانت بنت يزدجر تتحدث باللغة البهلوية الساسانييه !!! هذا أولا ، وثانيا عبارة (( أي كنيزك )) الواردة في الرواية من الواضع إنها من الاصطلاحات الرائجة في زمان ( الراوي ) لافي زمان الحدث (4) !!
وإذا أمعنا النظر في الرواية نلاحظ شيئا غريبا وهو إن الأمام علي (ع) كان يخاطبها بالفارسية بينما هي تجيب بالعربية !!
والأغرب من ذلك التوجيه الذي ذكره ألمجلسي بإزاء تسمية الأمام لها ب(شهر بانويه ) بدلا من ( جهان شاه ) حيث أوعز العلامة ذلك إلى كلمة (شاه ) هي من أسماء الله تعالى مستدلا على ذلك بما جاء في الخبر من أن علة النهي عن الشطرنج عبارة الشاه مات ، ووالله أن الشاه لايموت .
لماذا اختاروا الحسين دون الحسن (عليهم السلام) لأنهم نفذوا من خلال المذهب الشيعي الأمامي الاثني عشري أي الأمامه تنتقل في ولد الإمام الحسين (ع)- معتقدات ألشيعه الاثني عشريه - لكي يكون كسرى مصاهرا له .
وهناك أيضا اختيار الحسن العسكري (ع) وتزويجه من كسرى أيضا برواية أشبه بالخيال راجع بحار الأنوار ج46 ص10 ، لأنهم لايردون انقراض جيل الأسرة الساسانييه وتضع له شجرة ترجع بنسبه إلى بهرام ، والى ذلك يشير الشاعر الفردوسي في ( الشاه نامة ) (5) نقلا عن رستم انه كتب رسالة إلى أخيه تطرق فيها إلى انقراض السلالة الساسانية وهيمنة العرب على إيران يقول :-
من هذا العالم إلى أربعمئة سنة لاحقه ......لن يرى العالم مثل هذه النطفة
وهكذا أرادوا استمرار النطفة عبر ترقيع سلسلة الارتباط النسبي بحلقة ارتباط سببي ( مصاهرة ) رسول الله (ص) .وهكذا يتحقق الغرض من الوصل بين السلسلة السلطانية الساسانية والسلسلة الأمامية الشيعية . والجلال الايزدي (6) بالنور المحمدي :-
وان غلاما بين كسرى وهاشم ......... لأكرم من نيطت عليه التمائم !!!
هذا هو التشيع الشعوبي وهو تركيب أثني متناقض من النبوية الإسلامية والسلطة الساسانية بين كسرى وهاشم وهو الإمام زين العابدين علي بن الحسين (رض) .
ومن خلال السرد نجد إن هذه الرواية باطلة من كل النواحي ، وإنما أريد بها امتداد كسرى مع أهل البيت وحاشا أهل البيت من هذا ، أضف إلى ذالك إشعال الفتنه من خلال عمر موقف معادي لأهل البيت وتوجهاتهم .
ونلاحظ ذلك من خلال مناقشة علي شريعتي في ص135 :-
1- أظهار عمر بمنزلة العدو رقم واحد لعلي : وشجب مناوءته لحامل لواء الإسلام والحلقة الأولى في سلسلة أهل البيت وأبي الأئمة ، وذلك انتقاما من دور عمر البارز في القضاء على الدولة الساسانية وتقويض وجودها .
2- ألقاء تبعة انقراض الدولة الساسانية على عمر ( رض)لاعلى الإسلام .
3- تلقين الناس على إن خلافة عمرتعادي السلطنة الساسانية أما الأمامية فكانت بمنزلة المدافع عنها .
4- أن يزدجر آخر الأكاسرة الساسانيين كان قد انكسر بواسطة عمروان النبي هو الذي أعاد له شأنه ومكانته المرموقة بالمجتمع الإيراني وذلك من خلال إدخاله في بيت النبي – عبر أحدوثة الزواج – ليصبح أحد طرفي السلسلة وطرفها الآخر هو النبوة .
5- استمرار الإمامة من الإمام السجاد إلى الإمام المهدي – عند الشيعة- يعكس استمرار السلطة الساسانيية .
6- النور المحمدي المنبلج من النور اللاهي يمتزج مع المجد الايزدي المستمد من اهوار مزادا (7) .
7- إن عمر هو هو الذي حرم السلالة الساسانية من موقية الحكم كما أنه حرم السلالة المحمدية من حق الخلافة .
وهكذا ربطت فارس والتشيع ألصفوي هذه الزيجة التي ثبت بطلانها ،لأهدافها التي ذكرت ومأرب أخرى .
المصادر:-
1- معالم انساب الطالبيين في شرح كتاب سر الأنساب العلوية لأبي نصر البخاري / تأليف الدكتور عبد الجواد آل طعمه / تحقيق سلمان هادي آل طعمه ص130 – مطبعة ستار قم – 2001م .
2- التشيع العلوي والتشيع ألصفوي / الدكتور علي شريعتي ص124-125 تقديم الدكتور إبراهيم دسوقي شتا – ط1 2002م دار الأمير – بيروت –لبنان .
3- إن هناك آخرين أنكروا هذه الرواية غير (شريعتي) ،حتى إن احد علماء المذهب صرح في كتاب نشر مؤخرا إن هذه الرواية لاسند لها .
4- التشيع العلوي والتشيع ألصفوي / دكتور علي شريعتي ص126 .
5- ملحمة شعرية إيرانيه معروفة .
6- الجلال الايزدي : المجد اللاهي ، حيث يعتقد الإيرانيون إن المجد والعظمة والجلال تفاض على الملوك والأكاسرة من لدن السماء .
7- أله الخير في الديانة الزرادشتية ، ويقابله اله الشر ( أهرين ) .
الباحث العراقي كاظم المسعودي
كربلاء