كان للظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العراق وخاصة في بدايات القرن العشرين حيث أصبح ميداناً للحرب العالمية الاولى بين القوات العثمانية والقوات البريطانية الغازية وما تبعها من احتلال العراق من قبل البريطانيين وما تبعها من انتفاضات وثورات إضافة إلى الكوارث الطبيعية كالفيضانات والامراض والاوبئة . فقد دفعت هذه الظروف عدد كبيرمن النساء العراقيات إلى ممارسة بعض المهن الشعبية لسد رمق عوائلهن بعد أن ترمل قسم منهن حيث فقدن أزواجهن أو آباءهن أو من يقوم بمعيشتهن وعلى مستوى العراق عموماً وبصفة خاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق وسط هذه الاجواء من قسوة الظروف الاقتصادية والاجتماعية استطاعت بعض النساء وبشجاعة أن ينزلن إلى ميدان العمل متحديات كل ما كان يعيب العمل للمرأة ومارسن مهن شريفة تخدم المجتمع إضافة إلى توفير قدر من الرزق لهن ولعوائلهن بعد أن فقدت معيلها كي تمنعها من الانحراف والسقوط في الرذيلة .
ومن أهم المهن الشعبية التي مارستها المرأة العراقية في تلك الفترة ولا زال قسم منها يمارس لحد الآن :
1 - الخبازة
وهي من المهن الشعبية التي مارستها المرأة العراقية وخاصة في المدن الكبيرة قبل أن تنتشر أفران الصمون والمخابز حيث تقوم الخبازة بإعداد الخبز إلى المطاعم أو بيعه في الاسواق بعد التفنن في إعداده بوضع السمسم وصنعه بأشكال مختلفة وهذه المهن تدر ربحاً بسيطاً تستطيع به المرأة وأطفالها أن يبقواعلى قيد الحياة وكثيراً ما اقترن اسم الابن بهذه المهنه حيث يقال فلان بن الخبازة وهذه المهنه انقرضت في الوقت الحاضر أو كادت .
2 - الخياطة
أيضاً من المهن الشعبية التي مارستها المرأة العراقية وكان هنا لك في كل طرف أو حي في المدينة خياطة تقوم بخياطة الملابس النسائية وملابس الاطفال وخاصة في مواسم الاعياد حيث يجتمع أطفال الحي في بيت الخياطة لتقوم بأخذ قياساتهم بعدها ينتظرون إكمال ملابسهم استعداداً للعيد .... وكذلك خياطة ملابس العروس لقاء مبالغ محدده متفق عليها وهذه المهنة لا تزال تمارس لحد الآن .
3 - الحفافة
وهي من المهن التي ارتبطت بالمرأة عندما كانت الحفافة في ذلك الوقت تقوم مقام صالونات التجميل في الوقت الحاضر .. تؤخذ العروس إلى الحفافة لتنظيف وجهها من الشعر بوسائل بدائية بإستخدام الخيط .... ولم تقتصر الحفافة على العروس فقط وإنما كثير من نساء الطرف يذهبن إلى الحفافة أيام الاعياد والمناسبات طبعاً لقاء مبالغ متفق عليها وهذه المهنة انقرضت في الوقت الحاضر لظهور الصالونات الحديثة وما تحمله من تقنية جديدة ومساحيق ومراهم ودهون وتركيب عدسات .
4 - الكشافة
أو قارئة الفنجان وهي أيضاً من المهن التي مارستها المرأة والرجل على السواء ... بغض النظر عن كونها مهنة تستغل البسطاء من الناس او المغفلين إلا أنها مورست كمهنة لبعض النساء ويذهب إليها الرجال والنساء لقراءة طالعهم أو من تأخر نصيبها في الزواج أو لعمل الحروز والتمائم التي توجد المحبة في قلب المحبوب وغيرها من الامور وهذه المهنة لا تزال تمارس لحد الآن وقد تفنن ممارسوها في جذب الزبائن .
5 - بائعة اللبن
وهي من أقدم المهن التي مارستها المرأة وخاصة المناطق الريفية المحيطة بالمدن حيث تتوجه النساء بمنتوجاتهن من الحليب ومشتقاته إلى الاسواق أو بتوزيعه على البيوت صباحاً لقاء مبالغ وهذه المهنة في طريقها إلى الانقراض بعد أن انتشرت الاسواق والمحال التي تبيع الحليب ومشتقاته وبشتى الانواع .
6 - الحياكة
أيضاً من المهن القديمة التي مارستها المرأة العراقية وتقوم على حياكة البسط والسجاد وغيرها من الملابس لقاء مبالف معينة تستطيع به المرأة أن تصرف على أطفالها وهذه المهنة اقتصرت في الوقت الحاضر على مناطق معينة ومحددة .
وهنا لك ملاحظة أن أغلب هذه المهن انتشرت في أغلب البلاد العربية ... ومن الملاحظ أيضاً أن هنا لك مهن لم تنتشر بين النساء العراقيات وهي مهنة الخدمة في البيوت كما انتشرت في المجتمعات العربية الاخرى أي ( الشغالات ) وهذا يدلل على مدى السمو النفسي الذي تتمتع به المرأة العراقية هذه المهن مارستها المرأة خلال العقود الاولى من القرن العشرين . وتشكل ثورة 14 تموز عام 1958 نقطة تحول في حياة المرأة بصورة عامة .
والمرأة العاملة بصورة خاصة بعد أن استطاعت الثورة أن تفسح المجال أمام المرأة لممارسة العمل في شتى المجالات حيث دخلت المعترك السياسي عندما أصبحت لاول مرة في تاريخ المرأة العراقية وزيرة في الحكومة العراقية وهي المرحومة نزيهة الدليمي .
المصدر : جريدة المؤتمر .