إن العبث بالتاريخ قد تجاوز الحد وصار يؤلف فيه من لم يتقن قواعد التأليف الأولى وأصبحت مواطن الشك من المسلمات بل إن كثيرا من كبار المؤرخين قد عطلوا التأمل في النصوص واكتفوا بالنقل دون تمحيص ومقارنة وقراءة ولا أدل على ذلك من تدريس قضية العرب العاربة والمستعربة في منهج التاريخ وغرس هذه الكذبة الكبرى في أذهان الصبية، ويقصد بالعاربة أبناء قحطان وبالمستعربة أبناء عدنان بن إسماعيل، قال صاحب العين (عرب) العاربة العاربة الصريح منهم... والعرب المستعربة والذين دخلوا فيهم فاستعربوا وتعربوا، وقال الزمخشري (أساس البلاغة) (عرب) والعاربة هم الصرحاء الخلص، وفلان من المستعربة وهم الدخلاء فيهم) وقال الأزهري المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم... وكذلك قال الجوهري في الصحاح مثل هذا00
ومن ينعم النظر ويمعن الفكر في هذا التقسيم يلحظ عليه مسحة شعوبية ومداخلة يهودية بعدما أجبرتهم الظروف على العيش بين العرب في الجزيرة الذين تناسوا ما فعله القاضي جدعون وسواه من اليهود، وبخاصة بعد هجرتهم من فارس عندما اضطهدهم فيروز الفارسي واستقروا في الغالب بين نجران واليمن مواطن جذور العرب فعمدوا إلى إثارة القلاقل والفتنة وبذور الشقاق بين القبائل ونشروا الأكاذيب والخرافات ليحصلوا على الأمان، وبخاصة في ظل تعلمهم واهتمامهم بالموروثات وجهل العرب،والطعن في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإسماعيل عليه السلام هدفا من أهدافهم وغرضا من أغراضهم ولذلك أنكروا أن يكون الذبيح إسماعيل حسدا من عند أنفسهم وقالوا هوإسحاق قال المستشرق بلجريف مؤدا هذه النظرة في كتابه وسط الجزيرة العربية وشرقهاأن عتاقة بني قحطان الضاربة في القدم ونقاء سلالتهم قد أعطيا أسلاف قحطان ميزة النبالة التي تقرها شبه الجزيرة العربية لدرجة أن اسم العرب لم يكن يطلق إلا عليهم وعلى أسلافهم ومن هنا يصبح محمدا أقل نبلا من حيث المولد عن أولئك الذين أخضعهم بمعنى أن النبي يصبح من عامة الشعب أو الدهماءعندما نقارنه بأتباعه الا لاستقراطيين ولتضيح هذا التناقض وهو تناقض خطير في أعين الشرقيين اخترعوا مسألة زواج إسماعيل من أسرة قحطانية وبذلك أمكن تعويض الشرف الذي لايمكن الحصول عليه من طريق أبوة ولد إبراهيم عن طريق الأم الجرهمية هذا الزواج الحظيظ هو الذي أضفى صفة النبالة بشكل عام000)وللأسف أخذ بعض المؤرخين العرب هذا منهم كالطبري اعتمادا على كذب أهل الكتاب وتحريفهم ولايعذر بمنهجه الذي يورد فيه السند ليحكم الاخرون على الرواية000وأما قول المصطفى حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فقد قيده العلماء كابن حجر فيما تعلمون صدقه وهذه الفرية تردها الأدلة الصحيحة وقد أعجبني قول أبي عمرو بن العلاء للأصمعي حينما سأله عن الذبيح فقال(أين عزب عنك عقلك) ومتى كان إسحاق بمكة وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة!!!ولا أنفي تدخل هؤلاء اليهود في قضايا النسب العربي بعد ذلك ومن تلك القضايا قضية العرب المستعربة والعرب العاربة طعنا في سيدنا محمد وسيدنا إسماعيل وتلقفها منهم النسابون العرب الذين تدل النصوص على اعتمادهم على هذا الجنس في هذا الباب ومن ذلك فقد نقل الطبري عن هشام بن محمد أن فيما بي عدنان وقيدار نحوا من أربعين أبا وذكر أنه سمع رجلا من أهل تدمر من مسلمة يهود ومن قرأكتبهم يذكر نسب معد بن عدنان إلى إسماعيل من كتاب كاتب أرميا النبي وأنه يقرب من هذا العدد إلا أن في القليل من الأسماء اختلافا) وهناك نص آخر يذكره المفسرون في سبب نزول سورة الكهف فقالوا بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ماليس عندنا من علم الأنبياء00بل إن تأثيرهم في باب العقائد الفاسدة واضح وهو باب أهم من النسب عند المسلمين إذ يذكر ابن تيمية في الحموية وتلخيصها لابن عثيمين أن الجهمية المعطلة يرجعون إلى الجعد بن درهم الذي أخذ مقالته على ماقيل من أبان بن سمعان عن طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم000ونشر المؤرخون تلك الأغاليط لما في صدور بعضهم من شعوبية وعداء وأغراض سياسية يلهو بها العوام في بدايات نشأة الدولة الأموية التي أذكت نار العصبيات القبلية ووافقت هوى سياسياً وشعوبياً لدى بعض النسابة منذ العصر الأموي بعد ارتفاع قبائل بني كلب وبعض القحطانية ذات الهوى الأموي وخفض قبائل ربيعة وبعض العدنانية ذات الهوى العلوي وبخاصة إذا أدركنا أن العرب لم يهتموا بالكتابة مما أدى إلى هذا الخلط والعبث قال أبو عمرو بن العلاء(فجاء الإسلام فتشاغلت عنه_الشعر والأيام والأخبار_العرب وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم ولهت عن الشعر والرواية فلما جاءت الفتوحات واطمأنت العرب رجعوا لرواية الشعر فلم يؤولوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب 000)ثم بدأ العبث بتاريخ العرب على يد اليهود وأذنابهم الشعوبيين من خلال الطعن بالعرب العدنايين بحجة أنهم من المستعربة ثم الطعن في نسب من يتولى حماية بيضة الإسلام وحوزة الدين على مر تاريخ الأمة ولو كانت هذه القضايا موجودة في عهد النبي بشكل واضح لقال فيها شيئا00 ولا أدل على ذلك من عبث الكذاب الأشر علان الشعوبي مؤلف مثالب العرب الذي ألفه لزياد بن أبيه إرضاءله وتحقيقا لغرض يتناسب مع نسبه المجهول في حكمه على بعض آباء القبائل العربية بالعقم ظلما وعدوانا وتلقف فريته بعض النسابة الجهلة مع أننا لم نعثر على نص واحد يعير تلك القبائل بهذا وهو مما يحرص عليه في الحروب والمفاخر والهجاء كما لم نعثر على نص واحد يعير بالمستعربة مع أن الحروب بين القيسية واليما نية لا تتجاهل مثل هذا ولا ننكر في هذا المقام جهود العلماء الربا نيين من أمثال ابن قتيبة وكتابه فضل العرب ويبقى السؤال الكبير: هل هناك عرب عاربة وعرب مستعربة أم أنها كذبة من كذبات التاريخ الكبرى؟
إذا تأملنامن النصوص وجدنا أن الاتفاق على النسب الشريف للمصطفى إلى عدنان كما قال النووي، وليس فيما بعده إلى آدم طريق صحيح، وفيما بعد عدنان إلى إسماعيل عليه السلام خلاف كبير، قال القضاعي في عيون المعارف في أحكام الخلائف فيما نقله عنه القلقشندي وقد روى أن النبي r قال (لا تجاوزوا معد بن عدنان، كذب النسابون) ثم قرأ (وقرونا بين ذلك) ولو شاء أن يعلمه لعلمه، قال والصحيح أنه من قول ابن مسعود رضي الله عنه.
وقال في العبر ومن عدا عدنان من ولد إسماعيل قد انقرضوا ولم يبق لهم عقب وهذا الا ختلاف والخلط يمكن أن يشمل قحطان أيضا00.، ومما يدل على أن عدنان وقحطان في إسماعيل وليست هناك عاربة ومستعربة مايلي:
1- ما ذكره المبرد في الكامل (وإنما قال جرير لبني العنبر،( هل أنتم غير أو شاب زعانفة)، لأن النسابة يزعمون أن العنبر بن عمرو بن تميم إنما هو ابن عمرو بن بهراء، وأمهم أم خارجة البجلية.. التي يقال لها في المثل أسرع من نكاح أم خارجة، فكانت قد ولدت في العرب في نيف وعشرين حياً من آباء متفرقين، وكان يقول لها الرجل خطب فتقول نكح كذلك قال يونس بن حبيب، فنظر بنوها على عمرو بن تميم قد ورد بلادهم، فأحسوا بأنه أراد أمهم فبادروا إليه ليمنعوه تزوجها، وسبقهم لأنه كان راكباً، فجاؤوا وقد بنى عليها ثم نقلها بعد إلى بلده، وتزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيراً وأولدها عمرو بن تميم أسيداً والجهيم والقليب فخرجوا ذات يوم يستقون فقل عليهم الماء، فأنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأ الدلو إذا كانت للجهيم وأسيد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب فقال العنبر :
قد رابني من دلوي اضطرا بها والنأي عن بهراء واغترابها
ويروي أن رسول الله r قال يوماً لعائشة رحمها الله وقد كانت نذرت أن تعتق قوماً من ولد إسماعيل، فسبي قوم من بني العنبر فقال لها رسول الله r قوم من بني العنبر،: إن سرك أن تعتقي الصميم من ولد إسماعيل فأعتقي من هؤلاء فقال النسابون بهراء من قضاعة القحطانية، قال القلقشندي في صبح الأعشى وبهراء بن عمرو بن الحافي بن قضاعة.
وقد قيل قضاعة من بني معد فقد رجعوا إلى إسماعيل ومن زعم أن قضاعة من بني مالك بن حمير وهو الحق قال فالنسب الصحيح في قحطان الرجوع إلى إسماعيل وهو الحق وقول المبرزين من العلماء وقال: وأما قحطان عند أهل العلم فهو ابن الهميسع بن يمن بن نبت بن قيدار بن إسماعيل r فقد رجعوا إلى إسماعيل وورد بن حزم في جمهرة النسب هذا واحتج بأنه لو كان من ولد إسماعيل لما خص رسول الله بني العنبر بن عمرو بن تميم00فصح أن في العرب من ليس من ولد إسماعيل ولا يحتج بكلامه هذا من وجهين:أحدهما أنه قال فآباؤه بلا شك من ولد إسماعيل فلم يبق إلا قحطان وقضاعة) فجعل قضاعة ووقحطان وإسماعيل ثم قال وأما قضاعة فمختلف فيه بين قحطان وعدنان 00والآخر قال وقد أتى إلى بني العنبر رجل شاعر من بهراء اسمه الحكم بن عمرو يمت إليهم بهذا النسب فطردوه من جميع بلادهم حتى خرج منها ورحل عنهم)وهذه الحجة عليه ولا تتفق مع قصة المبرد في الكامل عن ذلك الشاعر(قد رابني 000) وقد أكد نسبة قضاعة في حمير من قحطان ابن إسحاق والكلبي وطائفة، ويؤيد ذلك ما رواه ابن لهيعة عن عقبة بن عامر الجهني (وجهينة من قضاعة) وقال يا رسول الله ممن نحن ، قال أنتم من قضاعة بن مالك، وقال عمرو بن مرة وهو من الصحابة:
نحن بنو الشيخ العجاز الأزهري
قضاعة بن مالك من حمير
النسب المعروف غير المنكر
ومما يذكر في هذا المقام أنه قد نقل عن زهير قوله قضاعية وأختها مضرية فجعلها أخوين وقال إنهما من حمير بن معد بن عدنان، وقال ابن عبد البر وعليه الأكثرون ويروى عن ابن عباس وابن عمرو وجبير بن مطعم وهو اختيار الزبير بن بكار وابن مصعب والزبير وابن هشام.
وقال السهيلي والصحيح أن أم قضاعة وهي عبكرة مات عنها مالك بن حمير وهي حامل بقضاعة فتزوجها معد وولدت قضاعة، فتكنى به ونسب إليه وهو قول الزبير، وهذا يدل على أن قضاعة قحطانية.. وذكر أبو الفداء في المختصر في أخبار البشر أن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ وجعل العزاوي في عشائر العراق قضاعة قحطانية وذكر القلقشندي في صبح الأعشى أن قضاعة من بقايا حمير وهو قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير، وقيل قضاعة بن مالك بن حمير، وذكر أيضاً أن بعض النسابة يذهبون إلى أن قضاعة من العدنانية ولا يستدل بهذه الرواية على ما ذهبت إليه، ورده برأي السهبلي السالف ثم ذكر أن الحمداني يرى أن قضاعة من حمير بن سبأ من القحطانية
2) أن ذلك الرأي ظاهر رأي الإمام البخاري ونص عليه ابن خلدون في تاريخه في قوله باب نسبة اليمن إلى إسماعيل وساق في هذا الباب قوله r لقوم من أسلم يتناضلون( ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، ثم قال وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة يعني وخزاعة من سبأ والأوس والخزرج منهم وأصحاب هذا يرون أن قحطان بن الهميسع في إسماعيل عليه السلام، وورد كذلك في جمهرة النسب لابن حزم أنه مر على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق..
وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف أن أسلم بن أفصى أخو خزاعة وهم بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وهم من سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن عبد البر في الأنباه على قبائل الرواة كان ابن عمر رضي الله عنه يشهد لقول من جعل قحطان وسائر العرب من ولد إسماعيل عليه السلام قول رسول الله لقوم من أسلم والأنصار ارموا بني إسماعيل فإن أساكم كان رامياً، وقول المنذر بن حرام جد حسان بن ثابت الأنصاري (والخزرج والأوس) من سبأ من القحطانية).
ورثنا من البهلول عمرو بن عامر وحارثة الغطريف مجداً مؤثلاً
مآثر من نبت بن نبت بن مالك ونبت ابن اسماعيل ما إن تحولا
ويؤكد نسبتهم في قحطان قول حسان رضي الله عنه (فنحن بنو قحطان...)
وذكر أيضاً ابن خلدون في تاريخه أن من يرى قحطان في إسماعيل يحتج بأن النبي r قال لرماة من الأنصار ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً والأنصار كما ذكرنا من ولد سبأ وهو ابن قحطان، وقيل إنما قاله لقوم من أسلم بن أفصى إخوة خزاعة بن حارثة بناء على أن نسبهم في سبأ وأكد النويري في نهاية الأرب أنه قاله لنفر من أسلم وهو أخو خزاعة ورد السهيلي هذا الدليل قائلاً لاحجة في شيء منهما إذا كانت العرب كلها من ولد إسماعيل والصحيح أنه قول الرسول لأسلم وأراد أن خزاعة من بني قمعة أخي مدركة بن إلياس من العدنانيين، وذكر أن بعض أهل النسب ذكر أن عمرو بن لحي بن قمعة بن الياس كان حارثة قد خلف على أمه بعد أن مات قمعة ولحي صغير فتبناه حارثة وانتسب إليه فيكون النسب صحيحاً بالوجهين جميعاً إلى حارثة بالتبني وإلى قمعة بالولادة ونسب خزاعة إلى قمعة في الحديث الصحيح عن أكثم الذي صرح فيه بنسب عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة ، كما نسب في قول المعطل الهذلي يخاطب قوماً من خزاعة.
لعلكم من أسرة قمعية إذا حضروا لا يشهدون المعرفا
مع أنا نجد نصاً للعزاوي في عشائر العراق يؤكد فيه نسبة خزاعة في قحطان ولكنها تسلطت فيما بعد على العدنانية ثم تقوت عليها فدخلت فيها00.
ورجح ابن حزم نسبة قحطان في إسماعيل استدلالاً بالحديث الذي خاطب قوماً من خزاعة وقيل من الأنصار.. وهذا يؤكد أن الأمر مختلف فيه في خزاعة ولكنه ثابت في الأنصار القحطانيين.
4)ذكر الأشعري في كتابه التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب بأن الدليل على أن جميع العرب من إسماعيل قوله سبحانه (ملة أبيكم إبراهيم) والخطاب في الآية للمؤمنين، لأن أولها يا أيها الذين آمنوا.
5- نقل البلاذري في أنساب الاشراف قوله حدثني بكر بن الهيثم بن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن مكحول عن مالك بن يخامر أن النبي r قال العرب كلها بنو إسماعيل إلا أربع قبائل السلف والأوزاع وحضرمون وثقيف.
6- قال العزاوي في عشائر العراق ثم رأيت في حديث الترمذي وحسنه عن النبي قال سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.. وذكر أن صاحب تاريخ الخميس ذكر ما محصلته أن أبناء نوح عليه السلام ثلاثة سام وهو أبو العرب وفارس والروم ويافت وهو أبو الشرك.وحام وهو أبو السوداء والحبشة ..ولم يذكر العربة والمستعربة قال ابن عبد البر(الإنباه على قبائل الرواة) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الوجوه الصحاح ما يدل على علمه بالنسب
7)حديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين مخاطبا الأنصار وهم من الأزد القحطانية ما ذكر قصة هاجر أم إسماعيل( فتلكم أمكم يا بني ماء السماء)0
ومن ينعم النظر ويمعن الفكر في هذا التقسيم يلحظ عليه مسحة شعوبية ومداخلة يهودية بعدما أجبرتهم الظروف على العيش بين العرب في الجزيرة الذين تناسوا ما فعله القاضي جدعون وسواه من اليهود، وبخاصة بعد هجرتهم من فارس عندما اضطهدهم فيروز الفارسي واستقروا في الغالب بين نجران واليمن مواطن جذور العرب فعمدوا إلى إثارة القلاقل والفتنة وبذور الشقاق بين القبائل ونشروا الأكاذيب والخرافات ليحصلوا على الأمان، وبخاصة في ظل تعلمهم واهتمامهم بالموروثات وجهل العرب،والطعن في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإسماعيل عليه السلام هدفا من أهدافهم وغرضا من أغراضهم ولذلك أنكروا أن يكون الذبيح إسماعيل حسدا من عند أنفسهم وقالوا هوإسحاق قال المستشرق بلجريف مؤدا هذه النظرة في كتابه وسط الجزيرة العربية وشرقهاأن عتاقة بني قحطان الضاربة في القدم ونقاء سلالتهم قد أعطيا أسلاف قحطان ميزة النبالة التي تقرها شبه الجزيرة العربية لدرجة أن اسم العرب لم يكن يطلق إلا عليهم وعلى أسلافهم ومن هنا يصبح محمدا أقل نبلا من حيث المولد عن أولئك الذين أخضعهم بمعنى أن النبي يصبح من عامة الشعب أو الدهماءعندما نقارنه بأتباعه الا لاستقراطيين ولتضيح هذا التناقض وهو تناقض خطير في أعين الشرقيين اخترعوا مسألة زواج إسماعيل من أسرة قحطانية وبذلك أمكن تعويض الشرف الذي لايمكن الحصول عليه من طريق أبوة ولد إبراهيم عن طريق الأم الجرهمية هذا الزواج الحظيظ هو الذي أضفى صفة النبالة بشكل عام000)وللأسف أخذ بعض المؤرخين العرب هذا منهم كالطبري اعتمادا على كذب أهل الكتاب وتحريفهم ولايعذر بمنهجه الذي يورد فيه السند ليحكم الاخرون على الرواية000وأما قول المصطفى حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فقد قيده العلماء كابن حجر فيما تعلمون صدقه وهذه الفرية تردها الأدلة الصحيحة وقد أعجبني قول أبي عمرو بن العلاء للأصمعي حينما سأله عن الذبيح فقال(أين عزب عنك عقلك) ومتى كان إسحاق بمكة وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة!!!ولا أنفي تدخل هؤلاء اليهود في قضايا النسب العربي بعد ذلك ومن تلك القضايا قضية العرب المستعربة والعرب العاربة طعنا في سيدنا محمد وسيدنا إسماعيل وتلقفها منهم النسابون العرب الذين تدل النصوص على اعتمادهم على هذا الجنس في هذا الباب ومن ذلك فقد نقل الطبري عن هشام بن محمد أن فيما بي عدنان وقيدار نحوا من أربعين أبا وذكر أنه سمع رجلا من أهل تدمر من مسلمة يهود ومن قرأكتبهم يذكر نسب معد بن عدنان إلى إسماعيل من كتاب كاتب أرميا النبي وأنه يقرب من هذا العدد إلا أن في القليل من الأسماء اختلافا) وهناك نص آخر يذكره المفسرون في سبب نزول سورة الكهف فقالوا بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ماليس عندنا من علم الأنبياء00بل إن تأثيرهم في باب العقائد الفاسدة واضح وهو باب أهم من النسب عند المسلمين إذ يذكر ابن تيمية في الحموية وتلخيصها لابن عثيمين أن الجهمية المعطلة يرجعون إلى الجعد بن درهم الذي أخذ مقالته على ماقيل من أبان بن سمعان عن طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم000ونشر المؤرخون تلك الأغاليط لما في صدور بعضهم من شعوبية وعداء وأغراض سياسية يلهو بها العوام في بدايات نشأة الدولة الأموية التي أذكت نار العصبيات القبلية ووافقت هوى سياسياً وشعوبياً لدى بعض النسابة منذ العصر الأموي بعد ارتفاع قبائل بني كلب وبعض القحطانية ذات الهوى الأموي وخفض قبائل ربيعة وبعض العدنانية ذات الهوى العلوي وبخاصة إذا أدركنا أن العرب لم يهتموا بالكتابة مما أدى إلى هذا الخلط والعبث قال أبو عمرو بن العلاء(فجاء الإسلام فتشاغلت عنه_الشعر والأيام والأخبار_العرب وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم ولهت عن الشعر والرواية فلما جاءت الفتوحات واطمأنت العرب رجعوا لرواية الشعر فلم يؤولوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب 000)ثم بدأ العبث بتاريخ العرب على يد اليهود وأذنابهم الشعوبيين من خلال الطعن بالعرب العدنايين بحجة أنهم من المستعربة ثم الطعن في نسب من يتولى حماية بيضة الإسلام وحوزة الدين على مر تاريخ الأمة ولو كانت هذه القضايا موجودة في عهد النبي بشكل واضح لقال فيها شيئا00 ولا أدل على ذلك من عبث الكذاب الأشر علان الشعوبي مؤلف مثالب العرب الذي ألفه لزياد بن أبيه إرضاءله وتحقيقا لغرض يتناسب مع نسبه المجهول في حكمه على بعض آباء القبائل العربية بالعقم ظلما وعدوانا وتلقف فريته بعض النسابة الجهلة مع أننا لم نعثر على نص واحد يعير تلك القبائل بهذا وهو مما يحرص عليه في الحروب والمفاخر والهجاء كما لم نعثر على نص واحد يعير بالمستعربة مع أن الحروب بين القيسية واليما نية لا تتجاهل مثل هذا ولا ننكر في هذا المقام جهود العلماء الربا نيين من أمثال ابن قتيبة وكتابه فضل العرب ويبقى السؤال الكبير: هل هناك عرب عاربة وعرب مستعربة أم أنها كذبة من كذبات التاريخ الكبرى؟
إذا تأملنامن النصوص وجدنا أن الاتفاق على النسب الشريف للمصطفى إلى عدنان كما قال النووي، وليس فيما بعده إلى آدم طريق صحيح، وفيما بعد عدنان إلى إسماعيل عليه السلام خلاف كبير، قال القضاعي في عيون المعارف في أحكام الخلائف فيما نقله عنه القلقشندي وقد روى أن النبي r قال (لا تجاوزوا معد بن عدنان، كذب النسابون) ثم قرأ (وقرونا بين ذلك) ولو شاء أن يعلمه لعلمه، قال والصحيح أنه من قول ابن مسعود رضي الله عنه.
وقال في العبر ومن عدا عدنان من ولد إسماعيل قد انقرضوا ولم يبق لهم عقب وهذا الا ختلاف والخلط يمكن أن يشمل قحطان أيضا00.، ومما يدل على أن عدنان وقحطان في إسماعيل وليست هناك عاربة ومستعربة مايلي:
1- ما ذكره المبرد في الكامل (وإنما قال جرير لبني العنبر،( هل أنتم غير أو شاب زعانفة)، لأن النسابة يزعمون أن العنبر بن عمرو بن تميم إنما هو ابن عمرو بن بهراء، وأمهم أم خارجة البجلية.. التي يقال لها في المثل أسرع من نكاح أم خارجة، فكانت قد ولدت في العرب في نيف وعشرين حياً من آباء متفرقين، وكان يقول لها الرجل خطب فتقول نكح كذلك قال يونس بن حبيب، فنظر بنوها على عمرو بن تميم قد ورد بلادهم، فأحسوا بأنه أراد أمهم فبادروا إليه ليمنعوه تزوجها، وسبقهم لأنه كان راكباً، فجاؤوا وقد بنى عليها ثم نقلها بعد إلى بلده، وتزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيراً وأولدها عمرو بن تميم أسيداً والجهيم والقليب فخرجوا ذات يوم يستقون فقل عليهم الماء، فأنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأ الدلو إذا كانت للجهيم وأسيد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب فقال العنبر :
قد رابني من دلوي اضطرا بها والنأي عن بهراء واغترابها
ويروي أن رسول الله r قال يوماً لعائشة رحمها الله وقد كانت نذرت أن تعتق قوماً من ولد إسماعيل، فسبي قوم من بني العنبر فقال لها رسول الله r قوم من بني العنبر،: إن سرك أن تعتقي الصميم من ولد إسماعيل فأعتقي من هؤلاء فقال النسابون بهراء من قضاعة القحطانية، قال القلقشندي في صبح الأعشى وبهراء بن عمرو بن الحافي بن قضاعة.
وقد قيل قضاعة من بني معد فقد رجعوا إلى إسماعيل ومن زعم أن قضاعة من بني مالك بن حمير وهو الحق قال فالنسب الصحيح في قحطان الرجوع إلى إسماعيل وهو الحق وقول المبرزين من العلماء وقال: وأما قحطان عند أهل العلم فهو ابن الهميسع بن يمن بن نبت بن قيدار بن إسماعيل r فقد رجعوا إلى إسماعيل وورد بن حزم في جمهرة النسب هذا واحتج بأنه لو كان من ولد إسماعيل لما خص رسول الله بني العنبر بن عمرو بن تميم00فصح أن في العرب من ليس من ولد إسماعيل ولا يحتج بكلامه هذا من وجهين:أحدهما أنه قال فآباؤه بلا شك من ولد إسماعيل فلم يبق إلا قحطان وقضاعة) فجعل قضاعة ووقحطان وإسماعيل ثم قال وأما قضاعة فمختلف فيه بين قحطان وعدنان 00والآخر قال وقد أتى إلى بني العنبر رجل شاعر من بهراء اسمه الحكم بن عمرو يمت إليهم بهذا النسب فطردوه من جميع بلادهم حتى خرج منها ورحل عنهم)وهذه الحجة عليه ولا تتفق مع قصة المبرد في الكامل عن ذلك الشاعر(قد رابني 000) وقد أكد نسبة قضاعة في حمير من قحطان ابن إسحاق والكلبي وطائفة، ويؤيد ذلك ما رواه ابن لهيعة عن عقبة بن عامر الجهني (وجهينة من قضاعة) وقال يا رسول الله ممن نحن ، قال أنتم من قضاعة بن مالك، وقال عمرو بن مرة وهو من الصحابة:
نحن بنو الشيخ العجاز الأزهري
قضاعة بن مالك من حمير
النسب المعروف غير المنكر
ومما يذكر في هذا المقام أنه قد نقل عن زهير قوله قضاعية وأختها مضرية فجعلها أخوين وقال إنهما من حمير بن معد بن عدنان، وقال ابن عبد البر وعليه الأكثرون ويروى عن ابن عباس وابن عمرو وجبير بن مطعم وهو اختيار الزبير بن بكار وابن مصعب والزبير وابن هشام.
وقال السهيلي والصحيح أن أم قضاعة وهي عبكرة مات عنها مالك بن حمير وهي حامل بقضاعة فتزوجها معد وولدت قضاعة، فتكنى به ونسب إليه وهو قول الزبير، وهذا يدل على أن قضاعة قحطانية.. وذكر أبو الفداء في المختصر في أخبار البشر أن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ وجعل العزاوي في عشائر العراق قضاعة قحطانية وذكر القلقشندي في صبح الأعشى أن قضاعة من بقايا حمير وهو قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير، وقيل قضاعة بن مالك بن حمير، وذكر أيضاً أن بعض النسابة يذهبون إلى أن قضاعة من العدنانية ولا يستدل بهذه الرواية على ما ذهبت إليه، ورده برأي السهبلي السالف ثم ذكر أن الحمداني يرى أن قضاعة من حمير بن سبأ من القحطانية
2) أن ذلك الرأي ظاهر رأي الإمام البخاري ونص عليه ابن خلدون في تاريخه في قوله باب نسبة اليمن إلى إسماعيل وساق في هذا الباب قوله r لقوم من أسلم يتناضلون( ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، ثم قال وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة يعني وخزاعة من سبأ والأوس والخزرج منهم وأصحاب هذا يرون أن قحطان بن الهميسع في إسماعيل عليه السلام، وورد كذلك في جمهرة النسب لابن حزم أنه مر على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق..
وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف أن أسلم بن أفصى أخو خزاعة وهم بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وهم من سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن عبد البر في الأنباه على قبائل الرواة كان ابن عمر رضي الله عنه يشهد لقول من جعل قحطان وسائر العرب من ولد إسماعيل عليه السلام قول رسول الله لقوم من أسلم والأنصار ارموا بني إسماعيل فإن أساكم كان رامياً، وقول المنذر بن حرام جد حسان بن ثابت الأنصاري (والخزرج والأوس) من سبأ من القحطانية).
ورثنا من البهلول عمرو بن عامر وحارثة الغطريف مجداً مؤثلاً
مآثر من نبت بن نبت بن مالك ونبت ابن اسماعيل ما إن تحولا
ويؤكد نسبتهم في قحطان قول حسان رضي الله عنه (فنحن بنو قحطان...)
وذكر أيضاً ابن خلدون في تاريخه أن من يرى قحطان في إسماعيل يحتج بأن النبي r قال لرماة من الأنصار ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً والأنصار كما ذكرنا من ولد سبأ وهو ابن قحطان، وقيل إنما قاله لقوم من أسلم بن أفصى إخوة خزاعة بن حارثة بناء على أن نسبهم في سبأ وأكد النويري في نهاية الأرب أنه قاله لنفر من أسلم وهو أخو خزاعة ورد السهيلي هذا الدليل قائلاً لاحجة في شيء منهما إذا كانت العرب كلها من ولد إسماعيل والصحيح أنه قول الرسول لأسلم وأراد أن خزاعة من بني قمعة أخي مدركة بن إلياس من العدنانيين، وذكر أن بعض أهل النسب ذكر أن عمرو بن لحي بن قمعة بن الياس كان حارثة قد خلف على أمه بعد أن مات قمعة ولحي صغير فتبناه حارثة وانتسب إليه فيكون النسب صحيحاً بالوجهين جميعاً إلى حارثة بالتبني وإلى قمعة بالولادة ونسب خزاعة إلى قمعة في الحديث الصحيح عن أكثم الذي صرح فيه بنسب عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة ، كما نسب في قول المعطل الهذلي يخاطب قوماً من خزاعة.
لعلكم من أسرة قمعية إذا حضروا لا يشهدون المعرفا
مع أنا نجد نصاً للعزاوي في عشائر العراق يؤكد فيه نسبة خزاعة في قحطان ولكنها تسلطت فيما بعد على العدنانية ثم تقوت عليها فدخلت فيها00.
ورجح ابن حزم نسبة قحطان في إسماعيل استدلالاً بالحديث الذي خاطب قوماً من خزاعة وقيل من الأنصار.. وهذا يؤكد أن الأمر مختلف فيه في خزاعة ولكنه ثابت في الأنصار القحطانيين.
4)ذكر الأشعري في كتابه التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب بأن الدليل على أن جميع العرب من إسماعيل قوله سبحانه (ملة أبيكم إبراهيم) والخطاب في الآية للمؤمنين، لأن أولها يا أيها الذين آمنوا.
5- نقل البلاذري في أنساب الاشراف قوله حدثني بكر بن الهيثم بن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن مكحول عن مالك بن يخامر أن النبي r قال العرب كلها بنو إسماعيل إلا أربع قبائل السلف والأوزاع وحضرمون وثقيف.
6- قال العزاوي في عشائر العراق ثم رأيت في حديث الترمذي وحسنه عن النبي قال سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.. وذكر أن صاحب تاريخ الخميس ذكر ما محصلته أن أبناء نوح عليه السلام ثلاثة سام وهو أبو العرب وفارس والروم ويافت وهو أبو الشرك.وحام وهو أبو السوداء والحبشة ..ولم يذكر العربة والمستعربة قال ابن عبد البر(الإنباه على قبائل الرواة) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الوجوه الصحاح ما يدل على علمه بالنسب
7)حديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين مخاطبا الأنصار وهم من الأزد القحطانية ما ذكر قصة هاجر أم إسماعيل( فتلكم أمكم يا بني ماء السماء)0
