علم المسكوكات والنقود
الجزء الثانى
وأود في هذا السياق أن ألفت الانتباه إلى الندوة العلمية الهامة والقيمة التي عقدتها جامعة عدن في 8/ 12/ 2004م بعنوان (عدن في ظل حكم الزريعيين والأيوبيين والرسوليين) وتكمن أهمية هذه الندوة التاريخية في إبرازها وتأكيدها علمياً وأكاديمياً للدلالات والأبعاد العلمية الوثائقية الهامة للمسكوكات في التأكد من صحة العديد من الأحداث السياسية والدبلوماسية والدينية التي يكتنفها الغموض وتتناقض فيها الكتابات التاريخية الكثيرة والتي غالباً ما يشوبها المبالغات والاجتهادات والأخطاء التاريخية الجمة.
لقد أكدت العديد من الدراسات والبحوث التاريخية لنخبة من الشخصيات الأكاديمية في علمي التاريخ والمسكوكات في جامعة عدن الأهمية العلمية الوثائقية الكبيرة للمسكوكات اليمنية في مجال تصحيح الكثير من كتب التاريخ اليمني على سبيل المثال (... وفي موضع آخر من أوراق البحث يؤكد الدكتور محمد بلعفير عما ذكره من قطيعه وعداء سافرين من قبل سيدة بنت أحمد إزاء الخليفة المستعلي من خلال قراءته في الدنانير الصليحية، حيث يقول: (... ويظهر، مما لا يدع مجالاً للشك أن عدم ضرب اسم المستعلي على النقود الصليحية يعود وبدرجة رئيسة إلى عدم اعتراف الملكة سيدة بنت أحمد بتعيينه إماماً وخليفة بدلاً من أخيه الأكبر نزار، خصوصا وأن المستنصر كان قد أوصى بتعيين ابنه الأكبر نزار خليفة له والحقيقة أن الملكة سيدة بنت أحمد على الرغم من إيمانها المطلق بالمذهب أو بالأيديولوجية الإسماعيلية وعدم رضاها بالاختراقات الخطيرة التي مست صميم هذه الأيديولوجية الإسماعيلية فإنها اضطرت وعلى مضض أن تحني رأسها للعاصفة التي أتت من مصر الفاطمية المتمثلة باغتصاب الخلافة من نزار المستنصر بالله من قبل أخيه (المستعلي) وأن تبقي جسوراً بينها وبين الخليفة الفاطمي بسبب الفتن والقلاقل التي تفجرت في وجه دولتها الضعيفة والمتهالكة، لعل ذلك ينقذها وينقذ دولتها من الانهيار، علاوة على عدم رغبة الصليحيين والفاطميين على حدوث انشقاق بين رؤساء الدعوة في مصر وأنصارها في اليمن، وكيفما كان الأمر فقد اضطرت مؤخراً سيدة بنت أحمد أن تضرب اسم المستعلي الخليفة الفاطمي على النقود الصليحية وعندما توفي المستعلي تولى الخلافة الآمر فضربت النقود الصليحية اسمه في وقت متأخر حيث ظهر اسمه على تلك النقود الصليحية ابتدءاً من 508هـ في حين أنه خلف والده سنة 495هـ/ 1101م أي بعد 13 سنة من توليه الحكم... الخ)(1).
إن الهدف العلمي الرئيس من إيراد هذا المثال على الرغم من كونه لا يتوافق مع الفترة التاريخية والسياسية والثقافية التي حددها مشروع المؤسسة (1948 – 2004م) كان من أجل التأكيد على أهمية ما تتضمنه المسكوكات من معلومات ودلالات وثائقية تاريخية سياسية دبلوماسية دينية هامة أصبحت تشكل للمؤرخين والباحثين مصدراً رئيساً وهاماً للمعلومات التاريخية ولإعادة صياغة التاريخ القديم والإسلامي والحديث.
المراجع
1- عدن في ظل حكم الزريعيين والأيوبيين والرسوليين، ندوة لجامعة عدن، 2004م.